ذاكِرَة عاشقٍ عربيّ - محمد الأمين سعيدي

تَعَالَى كَطَيْفٍ في سماءِ الأسى يَهْفُو
وهلْ يُغلِقُ الأبْوابَ فِي جَوّهَا الطَيْفُ

تعلّقَ قبْل الموت عِنْد وفاتِنا
بحبْلٍ على جِيدِ العروبَة يلتفّ ُ

تمسّكتِ الأشواقُ في ليْل غُربتي
به حينََما خانُوا هواهُ وما وفُّوا

وقدْ كان كالإحساسِ يحْيا مخضّبًا
هواجسُهُ هيْهاتَ أنهارُها تصْفُو

وها غابَتِ الآمالُ مِنْ كل مهجةٍ
وعادَا نخيلاً في دمي التمْرُ والسعف ُ

أمانيكِ يا بغدادُ يجتاحُها لظىً
يهيّجُ نارَ الحقدِ في عُمْقه القَصْف ُ

فما تذرِفُ العيْنان إلاّ قصائِدًا
يُصوّرُوجْه الأرضِ في وجهها الوصْفُ

ففي الأرضِ أمْصَارٌ تقاتِلُ بعْضَها
وفي البَحْرِ أشلاءٌ على سَطْحِهِ تطْفو

وفي النفْسِ آلامٌ تذبّحُ نِصْفَهَا
ويَرْفُضُ أن يقْتصَّ من نِصْفِهِ النِصْف ُ

أنا أنتِ يا بغدادُ قلبي حرائق ٌ
تُبيد غرامَ الخائنين وتصْطفّ ُ

أنا أنتِ يا بغداد، أحملُ رايتي
وأحْمي هوى الأحْبَابِ هل مثلنا يجفو؟

تكاثرتِ الأوجاعُ فينا وقادَنا
جنونٌ تربّى بين أحضانِه الخوف ُ

أنينُ اليتامى يستغيثُ ويرتقي
إلى الأفقِ الأعلى بأبوابِهِ يغفُو

يُناجي إلاه الكون و الأفقُ ذابل ٌ
ووجْهُ الدّيَاجي في سماواته سقف ُ

ألا أيّها الجُرْحُ الذي ملأ المدى
قُتِلنا فلمْ نثأرْ لميْتٍ ولم نعفو

وكنّا إذا داسَ الهوانُ قلوبَنا
أرامل دهر يستبدّ به الضعف ُ

تُحاصرُنا الأرزاءُ من كل وجهةٍ
ويَجْهدُ في إفناء أحلامنا الحتْف

أبادوكِ يا بغدادُ هل من تميمةٍ
تبدّدُ عصْرًا خير أسمائه الزّيْف ُ

رياح المآسي عاصفٌ بعد عاصف ٍ
تناوبَ فينا في مدىً كلّه عَصْفُ

أرى ردّة في الجوّ تعلو و تختفي
فيا ليتَه يأتي لإظْهَارِهَا الكشْف ُ

ويا لهْف نفسي هل يكون لنا عُلا ًً
وهل يُنبِت الأمجادَ في أرضِنا اللهْف ُ

تهدّمتِ الأقوالُ ،خارتْ قصائدي
تمزّقَ في هيْجائها اللفظُ و الحرف ُ

ألا أيّها الطيفُ الذي كان هاهنا
يُريقُ دماء الغاصبين ولا يعفو

ألا أيّها الطيفُ المقدّسُ ها أنا
أعَاتبُ قوما قادهم بعدك الخوف ُ