الحرف وإمبراطورية العزف - محمد الأمين سعيدي

كالليل عانقَ حلمًا ليس ينسجم ُ
فطاردَ الوهمَ في أضغاثِه الكلمُ

وعاركَ الشوقَ حتى عادَ يُلبسُهُ
من المشاعر ثوبًا حاكهُ القلم ُ

تحوّلَ الحرفُ في آفاقِه سُحُبًا
تخزِّنُ العشقَ والحبَّ الذي كتمُوا

وتُشرِبُ القلبَ من أمطار نشوتِهِ
خمرًا تعتّقُهُ في ظلِّه الشِيَم ُ

يا أنتَ يا عازفَ الألحان تمزُجني
بكَ القصائدُ حتى يُزهرَ النغم ُ

حملتَ وجهي َ من أوطان غربتِهِ
وبعتَ للسجن ِما يُفضي به السأم ُ

وكنتَ كالريح حرّا لا يُعانقه ُ
إلاّ الذين استفاقوا حينما ظُلِموا

السُّكرُ في طبعِك المجنونِ أغنية
من العجائبِ حاكت لحنَها الهِِمَم ُ

والصبرُ يعصرُ في كفَّيك حمرتَه
لكي يخضّبَ عمرًا ليس يلتئِم ُ

كالجُرح ينزِفُ من عليَائِه ألمًا
حتى تذوقَ هواهُ حرقة ودم ُ

يا أنتَ يا عازفَ الألحان تُفرغِني
فيكَ الجرارُ التي يُسقى بها الألم ُ

آويت كلَّ غريبٍ فرّ من وطن ٍ
في كلِّ شبر بِه يحتلُّه صنم ُ

وكنتَ كالرفْضِ لا رفضٌ يهدّؤهُ
ولا خُنُوع الذي أودى به الهرم ُ

تريدُ بَعْثَ المعالي من مقابِرِها
لكي تُقاومَ دهرًا قادَه العدَم ُ

فأنتَ كالشمس تقوى نارُ شعلتها
لأنّ فيها تربّى الجمْرُ و الحِمَم ُ

وأنتَ كاللحْن مشتاق إلى لغة ٍ
تُفجّر الصورة َالحُبْلى وتلتحِم ُ

غرائبُ السحر تبنيني وتهدمُني
حتى أشيّدَ صرحًا ليس ينهدم ُ

وأقتفي فِي ربَى عينيكَ قافية ً
تقلِّدُ القلبَ ما جادتْ به القيم ُ

أراك تنهلُ مِنْ عمري وتجعلني
كأسا تريقُ دِماهُ نشوة وفم ُ

أنا الممزَّقُ أهوائِي تبعثرُني
على امتداد جُنوني حين ألتطِم ُ

هواكَ يأكلُ من سرّي بلا سبب
فصرتُ آكلُ من سرّي وألتهِم ُ

وليس يأكل من سرّي سوى نَغمِي
وجُملة في سماءِ العزفِ ترتسِم ُ