أرِقت لمكفهِر بات فيه - عدي بن زيد

أَرِقتُ لِمُكفَهِرٍّ باتَ فيهِ
بَوارِقُ يَرتَقينَ رؤوسَ شيبِ

تَلوحُ المَشرَفِيَّةُ في ذُراهُ
وَيَجلو صَفحَ دَخدارٍ قَشيبِ

كَأَنَّ مَآتِماً باتَت عَلَيهِ
خَضَبنَ مَآلِياً بِدَمٍ خَصيبِ

سَقى بَطنَ العَقيقِ إَلى أُفاقٍ
فَقاثورٍ إِلى لَبَبِ الكَثيبِ

فَرَوّى قُلَّةَ الأَدخالِ وَبلاً
فَفَلجاً فَالنَبِيَّ فَذا كَريبِ

سَعى الأَعداءُ لا يَألونَ شَرّاً
عَلَيكَ وَرَبِّ مَكَّةَ وَالصَليبِ

أَرادوا كَي تُمَهِّلَ عَن عَدِيٍّ
لِيُسجَنَ أَو يُدَهدَهَ في القَليبِ

وَكُنتُ لِزازَ خَصمِكَ لَم أُعَدِّد
وَقَد سَلَكوكَ في يَومٍ عَصيبِ

أُعالِنُهُم وَأُبطِنُ كُلَّ سِرٍّ
كَما بَينَ المِحاءِ إِلى العَسيبِ

قَفَزتُ عَلَيهِم لَمّا التَقَينا
بِتاجِكَ فَوزَةَ القِدحِ الأَريبِ

وَما دَهري بِأَن كَدَّرتُ فَضلاً
وَلَكِن ما لَقيتُ مِنَ العَجيبِ

أَلا مَن مُبلِغُ النُعمان عَنّي
وَقَد تُهوى النَصيحَةُ بِالمَغيبِ

أَحَظّي كانَ سِلسِلَةً وَقَيداً
وَغُلّاً وَالبَيانُ لَدى الطَبيبِ

أَتاكَ بِأَنَّني قَد طالَ حَبسي
وَلَم تَسأَم بِمَسجونٍ حَريبِ

وَبَيتي مُقفِرُ الأَرجاءِ فيهِ
أَرامِلُ قَد هَلَكنَ مِنَ النَحيبِ

يُبادِرنَ الدُموعَ عَلى عَدِيٍّ
كشنٍّ خانَهُ خَرزُ الرَبيبِ

يُحاذِرنَ الوُشاةَ عَلى عَدِيٍّ
وَما اِقتَرفوا عَلَيهِ مِنَ الذُنوبِ

فَإِن أَخطَأتُ أَو أَوهَمتُ أَمراً
فَقَد يَهِمُ المُصافي بِالحَبيبِ

وَإِن أَظلِم فَقَد عاقَبتُموني
وَإِن أُظلَم فَذَلِكَ مِن نَصيبي

وَإِن أَهلِكَ تَجِد فَقدي وَنَجدي
إِذا أَلتَقَتِ العَوالي في الحُروبِ

وَما هَذا بِأَوِّلِ ما أُلاقي
مِنَ الحِدثانِ وَالعَرَضِ القَريبِ

فَهَل لَكَ أَن تَدارَكَ ما لَدَينا
وَلا تُغلَب عَلى الرَأيِ المُصيبِ

فَإِنّي قَد وَكَّلتُ اليَومَ أَمري
إِلى رَبٍّ قَريبٍ مُستَجيبِ