لمثلها يستعد البأسُ والكرمُ ، - أبو فراس الحمداني

لمثلها يستعد البأسُ والكرمُ ،
وفي نظائرها تستنفدُ النعمُ

هِيَ الرّئَاسَة ُ لا تُقْنى جَوَاهِرُهَا،
حتى يخاض إليها الموتُ والعدمُ

تقاعسَ الناسُ عنها فانتدبتَ لها
كالسيفِ ، لا نكلٌ فيهِ ولا سأمُ

ما زَالَ يَجحَدُها قَوْمٌ، وَيُنكِرُها
حَتى أقَرّوا، وَفي آنَافِهِمْ رَغَمُ

شكراً فَقَدْ وَفَتِ الأيّامُ ما وَعَدَتْ،
أقرَّ ممتنعٌ ؛ وانقادَ معتصمُ !

وَمَا الرّئَاسَة ُ إلاّ مَا تُقِرّ بِهِ
شمسُ الملوكِ ، وتعنو تحتهُ الأممُ

مَغَارِمُ المَجْدِ يَعْتَدُّ الملوكُ بها
مَغَانِماً في العُلا، في طَيّهَا نِعَمُ

هذي شيوخُ "بني حمدانَ " قاطبة ً ،
لاذوا بدارِكَ عِندَ الخَوفِ وَاعتَصَموا

حلوا بأكرمِ منْ حلَّ العبادُ بهِ
بحَيثُ حَلّ النّدى وَاستَوثَقَ الكَرَمَ

فكُنتَ مِنْهُمْ وَإنْ أصْبَحتَ سيّدَهم،
تواضعُ الملكِ في أصحابهِ عظمُ !

شيخوخة ٌ سبقتْ ، لا فضلَ يتبعها
وَلَيْسَ يَفضُلُ فِينا الفاضِلُ الهَرِمُ

ولمْ يفضلْ " عقيلاً " في ولادتهِ
عَلى عَليٍّ أخِيهِ، السّنُّ وَالقِدَمُ

وكيفَ يفضلُ منْ أزرى بهِ بخلُ
وقعدة ُ اليدِ ، والرجلينِ ، والصممُ

لا تنكروا ، يا بنيهِ ، ما أقولُ فلنْ
تُنسَى التِّرَاتُ وَلا إن حالَ شَيخُكُمُ

كادَتْ مَخَازِيهِ تُرْدِيهِ فَأنْقَذَهُ
منها ، بحسنِ دفاعٍ عنهُ ، عمكمُ

أسْتَوْدِعُ الله قَوْماً، لا أُفَسّرُهُمْ،
الظالمينَ ، ولوْ شئنا لما ظلموا

القائلينَ ، ونغضي عن جوابهمُ ,
وَالجَائِرِينَ، وَنَرْضَى بالذي حكَموا

إني ، على كلِّ حالٍ ، لستُ أذكرهمْ ؛
إلاّ وَللشّوقِ دَمعي وَاكِفٌ، سَجِمُ

الأنفسُ اجتمعتْ يوماً ، أو افترقتْ
إذا تَأمّلتَ، نَفسٌ، وَالدّمَاءُ دَمُ

رَعَاهُمُ الله، مَا نَاحَتْ مُطَوَّقَة ٌ،
وَحاطَهُمْ، أبَداً، مَا أوْرَقَ السَّلَمُ