نعمْ ‍! تلكَ ، بينَ الواديينِ ، الخواتلُ - أبو فراس الحمداني

نعمْ ‍! تلكَ ، بينَ الواديينِ ، الخواتلُ
وَذَلِكَ شَاءٌ، دُونهُنّ، وَجَامِلُ

فَما كنتَ، إذْ بانوا، بنَفسِكَ فاعلاً
فدونكَ متْ ؛ إنَّ الخليطَ لزائلُ

كأنَّ ابنة َ القيسيِ ، في أخواتها ،
خذولٌ ، تراعيها الظباءُ الخواذلُ

قُشَيْرِيّة ٌ، قَتْرِيّة ٌ، بَدَوِيّة ٌ،
لها ، بينَ أثناءِ الضلوعِ ، منازلُ

وَهَبْتُ سُلُوّي، ثُمّ جِئتُ أرُومُهُ،
وَمِنْ دُونِ ما رُمْتُ القَنَا وَالقَنَابلُ

هوانا غريبُ ؛ شزَّبُ الخيلِ والقنا
لنا كتبٌ ، والباتراتُ رسائلُ

أغَرْنَ عَلى قَلْبي بِخَيْلٍ من الهَوَى
فطاردَ عنهنَّ الغزالُ المغازلُ

بأسهمِ لفظٍ ، لمْ تركبْ نصالها،
و أسيافِ لحظٍ ، ما جلتها الصياقلُ

وَقَائِعُ قَتْلى الحُبّ فِيهَا كَثِيرَة ٌ،
ولم يشتهرْ سيفٌ ، ولاَ هزَّ ذابلُ

أراميتي ‍! كلُّ السهامِ مصيبة ٌ ؛
و أنتِ ليَ الرامي ؛ وكلي مقاتلُ

وَإني لَمقْدَامٌ وَعِنْدَكِ هَائِبٌ،
وفي الحيِّ " سحبان" ؛ وعندكَ " باقلُ "

يضلُّ عليًَّ القولُ ، إنْ زرتُ دارها،
وَيَعْزُبُ عَني وَجْهُ مَا أنَا فَاعِلُ

وحجتها العليا ، على كلِّ حالة ٍ
فباطلها حقٌّ ، وحقيَ باطلُ

تُطَالِبُني بِيضُ الصّوَارِمِ وَالقَنَا
بما وعدتْ حدَّيَّ فيّ‍َ المخايلُ

وَلا ذَنْبَ لي، إنّ الفُؤادَ لَصَارِمٌ،
و إنَّ الحسامَ المشرفيَّ لفاصلُ

و إنَّ الحصانَ الوالقي لضامرٌ ،
وَإنّ الأصَمّ السّمْهَرِيّ لَعَاسِلُ

وَلَكِنّ دَهْراً دَافَعَتْني خُطُوبُهُ
كما دفعَ الدينَ الغريمُ المماطلُ

و أخلافُ أيامٍ ، إذا ما انتجعتها ،
حَلَبْتُ بَكِيّاتٍ، وَهُنّ حَوَافِلُ

وَلوْ نِيلَتِ الدّنْيَا بِفَضْلٍ مَنحْتُها
فضائلَ تحويها وتبقى فضائلُ

ولكنهما الأيامُ ، تجري بما جرتْ ،
فيسفلُ أعلاها ، ويعلو الأسافلُ

لَقد قَلّ أنْ تَلقى من النّاسِ مُجملاً
وأخشَى ، قَرِيباً، أنْ يَقِلّ المُجامِلُ

وَلَستُ بجَهمِ الوَجهِ في وَجهِ صَاحبي
وَلا قائِلٍ للضّيفِ: هَل أنتَ رَاحِل؟

وَلَكِنْ قِرَاهُ ما تَشَهّى ، وَرِفْدُهُ،
ولوْ سألَ الأعمارَ ما هوَ سائلُ

ينالُ اختيارَ الصفحِ عنْ كلِّ مذنبٍ
لَهُ عِنْدَنَا مَا لا تَنَالُ الوَسَائِلُ

لَنَا عَقِبُ الأمْرِ، الّذِي في صُدُورِهِ
تطاولُ أعناقُ العدا ، والكواهلُ

أصاغرنا ، في المكرماتِ ، أكابرٌ
أوَاخِرُنَا، في المَأثُرَاتِ، أوَائِلُ

إذا صلتُ، يوماً، لمْ أجدْ لي مصاولاً ؛
وإنْ قلتُ، يوماً ، لمْ أجدْ منْ يقاولُ!