وَأحْـوَرَ ، ذمّــيٍّ ، طــرَقْتُ فِـنــاءَ هُ ، - أبو نواس
وَأحْـوَرَ ، ذمّــيٍّ ، طــرَقْتُ فِـنــاءَ هُ ،
بفتْـيـانِ صَـدْق ، ما تَرَى منهمُ نُكـرا
فلمّا قرعْنَا بابَهُ هَبّ خائفاً،
و بادَرَ نحو البابِ ، مـمـتلِـئـاً ذُعْـــرَا
وقال: مَـنِ الطُّرَّاقَ ليــلا فِـناءَنـا ؟
فقلتُ له : افْتحْ ! فتية ٌ طلبوا خـمـرَا
فأطْلَقَ عن أبْوابِهِ غير هائبٍ،
وأطلَعَ من أزرارِهِ قمراً بدْرا
ومرّ أمامَ القوْمِ، يسْحَبُ ذيْلَهُ
يجاذبُ منْه الرّدْفُ في مشيه الْخَصْرَا
فقلتُ له: ما الاسمُ حُيّيتَ؟ قال لي:
دعاني أبي سـابا ولقّبَني شَـمْــرَا
فكِدْنَا جميعاً من حَلاوَة ِ لفْظِهِ
نُـجَـنّ ، ولم نَسْــطِـعْ لمـنْـطِقِـهِ صَـبرا
فقلتُ لهُ: جئْنَاكَ نَبْتاعُ قَهْوَة ً
مـعَـتّقَـة ً ، قد أنْـفَـدتْ، قِــدْمـاً ، دهـــرَا
فـقال : اربعوا عنـدي التي تطلبونها،
قد احْتَجَبَتْ في خِدرِها حِقَباً عشْرَا
فقلتُ: فماذا مَهْرُها؟ قال: مَهرُها
إليك، فسُقنا نحوَه خمْسة ً صُفْرا
فقلتُ له: خُذها، وهاتِ نُعاطِها،
فـقامَ إليها قد تمـلّى بنــا بِــشْــــرَا
فشَـكَّ بإشْـفــاءٍ لهُ بَـطْنَ مُـسْـنَـدٍ ،
فسالتْ تحاكي في تلألؤهَا البَــدْرَا
وجاءَ بها ، واللّيْـلُ مُـلْقٍ سُـدولَهُ ،
مُدِلاًّ بأنْ وافَى ، محيطاً بها خُبْرَا
رَبيبة ُ خِدْرٍ راضَها الخِدْرُ أعْصُراً
فكانتْ له قلْـباً ، وكان لها صَـدْرا
إذا أخـذَتْها الكأسُ كـادتْ بريـحـها
تخالُ بها عِطراً وما إن ترَى عِطْرَا
ومازالَ يسْقينـا ، ويشْـرَبُ دائبـاً
إلى أن تغَنّى حين مالتْ به سُكْرَا
«فما ظَبْيَة ٌ تَرْعَى مساقِطَ روضة ٍ
كسا الواكِفُ الغادي لها وَرَقاً خُضرَا
بأحْسنَ منه منْظراً زان مخبراً،
بل الظّبْيُ منْه شابَهَ الجِـيدَ والنحْرَا
فيا حُسْنَهُ لحناً بَدا من لسانـــهِ ،
و يا حسنه لحظـاً! ويا حسنه ثـغـــرا !
ونام، وما يدري أأرْضٌ وسادُه،
توسّدَ سكْراً، أم وِساداً رأى جهْرَا
فقمنـا إليهِ حينَ نـامَ ، وأُرْعَـدَتْ
فَـرَائِـصُـهُ تـجري بمَـيـدانِـه ضـمـــرَا
فـلمّا رأى أن ليس عن ذاك مخلَصُ ،
ووافقَه لِيـنٌ أجـادَ لنا العــصــرا