وتقول طَوْراً: ذا فتى ً غَزِلٌ مَنْ غائبٌ في الحبّ لم يَؤبِ - أبو نواس

وتقول طَوْراً: ذا فتى ً غَزِلٌ مَنْ غائبٌ في الحبّ لم يَؤبِ
لا شيءَ يرقبُهُ سوى العطبِ

من حبّ شاطرة ٍ رمَتْ غَرَضاً
قلبي ، فمن ذا قالَ لم تصبِ ؟!

البدْرُ أشْبَهُ ما رأيتُ بها
حين استوى ، وبدا من الحجُبِ

وابْنُ الرّشا لم يُخْطِها شَبَهاً
بالجِيد والعيْنينِ واللَّبَبِ

و إذا تسربلَ غيرَها ، اشتملتْ
ورْدُ الحواشي، مُسبَلَ الذنبِ

فتقولُ طوْراً : ذا فتى ً هتفتْ
نفسُ النّصيحِ به ، فلم يُجبِ

وُدٌّ لعصبة ِ ريبة ٍ ، مُجُنٍ ،
أعدى لمن عادَوْا من الجربِ

شُنعِ الأسامي، مُسبِلي أُزُرٍ،
حُمْرٍ تمسُّ الأرضَ بالهدُبِ

متَعطّفينَ على خناجرهمْ ،
سُلُبٍ لشُرْبِهِمْ من القِرَبِ

و إذا همُ لحديثهمْ جلسوا ،
عطفوا أكُفَّهمُ على الرّكبِ

و تقول طوْراً : ذا فتى ً غَزِلٌ
بادي الدّماثَة ِ، كاملُ الأدبِ

صَبٌّ إلى حَوْراءَ يمنعهُ
منها الحيا ، وصيانة ُ الحسبِ

فكلاهما صَبٌّ بصاحبهِ
لو يستطيعُ لطار من طربِ

فتواعد يوماً ، وشأنهما
ألاّ يشُوبا الوعْدَ بالكَذِبِ

فغدتْ كواسطَة ِ الرّياضِ إلى
موعُودة ٍ تمْشي على رُقُبِ

و غدا مُطَرَّقة ً أناملهُ
حلوَ الشّمائلِ، فاخِر السّلُبِ

منْ لم يُصِبْ في الناس يوْمئذٍ
من ريحه إذ مرَّ لم يَطِبِ

لا، بل لها خُلُقٌ مُنِيتُ به،
ومَلاحَة ٌ عَجَبٌ من العَجَبِ

فالمُستعانُ الله في طلبي
منْ لستُ أدرِكُهُ عن الطّلَبِ

ما لامني الإنسانُ أعشقهُ
حتى يعَيِّرَهُ المعيِّرُ بي