إصْدعْ نَجيَّ الْهُمومِ بالطّرَبِ، - أبو نواس

إصْدعْ نَجيَّ الْهُمومِ بالطّرَبِ،
و انعمْ على الدّهرِ بابنة ِ العنبِ

واسْتقبلِ العَيْشَ في غَضارَتِهِ،
لا تقْفو منه آثارَ مُعْتَقِبِ

من قَهْوَة ٍ زانَها تقَادُمُها،
فهْي عجوزٌ، تعلو على الحُقُبِ

دهْرِيّة ٌ قد مضَتْ شبِيبتُها،
و استنشقتْها سوالفُ الحِقَبِ

كأنّها في زجاجها قبسٌ،
يذْكو بلا سَوْرَة ٍ، ولا لَهَبِ

فهْي بغير المزاجِ من شَرَرٍ،
و هْي إذا صُفّقتْ من الذهبِ

إذا جرى الماءُ في جوانبها
هَيّجَ منها كوامِنَ الشّغَبِ

فاضْطرَبَتْ تحتَهُ تُزاحِمُهُ،
ثُمّ تناهتْ تفترُّ عن حبَبِ

يا حُسنها من بَنانِ ذي خَنثٍ ،
تدعوكَ أجفانهُ إلى الرّيَبِ

فاذكر صباح العُقارِ، واسمُ به
لا بصباحِ الحُروبِ والعَطَبِ

أحْسنُ من موقِفٍ بمُعْتركٍ،
و ركضِ خيلٍ على هَلا وهَبِ

صَيْحَة ُ ساقٍ بحابسٍ قَدحاً،
و صبرُ مستكرهٍ لمنتحبِ

ورِدْفُ ظبيٍ، إذا امتطيتَ به،
أعطاكَ بين التّقريبِ والخَببِ

يصلحُ للسّيفِ والقَباءِ، كما
يصلحُ للبارقينِ والسُّحُبِ

حلَّ على وجههِ الجمالُ كما
حَلّ يزيدٌ معاليَ الرُّتَبِ