ومُلِـحّـة ٍ في العـذلِ ذاتِ نَصِـيحـَـة ٍ - أبو نواس

ومُلِـحّـة ٍ في العـذلِ ذاتِ نَصِـيحـَـة ٍ
ترجو إنَابَة َ ذي مُجونٍ مارِقِ

بكَـرَتْ تُبـصّـرُني الـرّشـادَ ، وشيمتي
غَيرُ الـرّشـادِ ، ومذْهبي وخَلائقي

لمّا ألحّتْ في العتابِ زَجَـرْتُهـا
فـتـأخّـرَتْ عـنّـي بـقـلْـبٍ خـافِـــقِ

كم رضْتُ قلي عاعلمي وزَجَرْتُهُ،
فرَأى اتّباعَ الرّشْدِ غَيْرَ مُوافقِ

ومُدامَة ٍ مثلِ الْخَلوقِ، عتيقة ٍ،
حُجِـبَـتْ زمـانـاً في كنــائسِ دابِـقِ

تختالُ ألْواناً، إذا ما صُفّقَتْ،
في الكأسِ تُخْرِسُ من لسانِ الناطقِ

ذهبيّــة ٌ تخْـتـالُ في جَـنَـبَـاتِـهَـا
كـالــدُّرّ ألّـفــَـهُ نـظــامُ الــراتِــقِ

باكَرْتُها من كفّ أغْيَدَ شادِنٍ،
حسنِ التـنـغّـمِ ، فـوقَ سُـؤلِ العـاشِـقِ

مُـتَـعَـقْـرِبِ الصُّـدْغَـيْنِ ، في لحـظاتِـهِ
فِتَنٌ لها مقْرونَة ٌ لبَوائقِ

مُـتَـخَـرْسِـنٍ ، دينُ النّصـارى دينُـه ،
ذي قُرْطَقٍ لم يتّصِلْ ببنائِقِ

لبِقٍ، بديعِ الحسْنِ، لو كلّمتَهُ،
لنبـذْتَ ديـنَـكَ كـلّـه من حـــالــقِ

والله، لولا أنّني مُتَخَوّفٌ
أنْ أُبْـتَـلَى بـإمـامِ جَـوْرٍ فــاسِــقِ

لتـبــعـتُـه فـي دينـه ، ودخـلتــه
ببصـيـرة ٍ فيـه دخـولَ الــوامِـقِ

إنّـي لأعـلم أنّ ربّـي لـم يــكُـنْ
ليخُصّهُ إلاّ بدينٍ صادِقِ!