يا رُبّ صاحبِ حانَة ٍ قد رُعتُهُ، - أبو نواس

يا رُبّ صاحبِ حانَة ٍ قد رُعتُهُ،
فبَعَثْتُهُ من نَوْمِهِ الْمُتَزَمِّلِ

عَـرَفَتْ ثيابَ الطّارقينَ كِـلابُهُ ،
فيَبِتْنَ عن سَننِ الطّريقِ بمعزِلِ

ما زِلتُ أمتَحِنُ الدّساكرَ دونَهُ،
حتى دُفِعْتُ إلى خَفيّ الْمَنْزِلِ

فعَرفتُـهُ ، والـلّيْلُ مُلتَبِـسٌ بنـا ،
برَفيفِ صَلعَتِهِ وشيبِ المِسحَلِ

يا صاحبَ الحانوتِ لا تكُ مشعياً،
إنّ الشّرابَ مُحرَّمٌ كمحلَّلِ

فـدع الذي نبـذتْ يداكَ ، وعاطني ،
لله دَرُّكَ ، مـن نَـبيـذِ الأرْجُـلِ

ممّا تَخَيّرَهُ التّجارُ، ترَى لها
قَـرْصـاً إذا ذيقَـتْ كقَـرْصِ الفلفُـلِ

ولها دَبيبٌ في العِـظامِ كأنّـهُ
قَبضُ النّعـاسِ ، وأخـذُهُ بـالمِفـصَـلِ

عَبِقَـتْ أكُفّهُـمُ بها ، فكأنّمــا
يَتنـازَعونَ بها سِخـابَ قَـرَنْفُـلِ

تَسقيكَهـا كَفٌّ إليـكَ حَبيبَـة ٌ ،
لا بدّ أنْ بخِلَتْ، وإنْ لم تَبخَلِ