يا خاطبَ القهوة الصّهباءِ، يا مَهُرها - أبو نواس

يا خاطبَ القهوة الصّهباءِ، يا مَهُرها
بالرّطلِ يأخذ منها مِلأَه ذهبا

قصّرْتَ بالرّاح، فاحْذَرْ أن تُسمِّعها
فيحلِفَ الكرْمُ أن لا يحملَ العنبَ

إنّي بذلتُ لها، لمّا بصُرْتُ بها ،
صاعاً من الدُّرّ والياقوتِ ما ثُقِبَا

فاسْتوحشَتْ، وبكتْ في الدّنّ قائلة ً:
يا أُمُّ ويحكِ، أخشى النّار والّلهبَ

فقلتُ : لا تَحْذَريه عندنا أبداً
قالتْ «ولا الشمسَ؟» قلتُ «الحرّ قد ذهبا»

قالتْ «فمن خاطبي هذا؟» فقلتُ «أنا»
قالت «فبَعْليَ؟» قلتُ «الماءُ إن عَذُبا»

قالت:لقاحي فقلتُ:الثلجُ أبردهُ
قالت «فبَيْتي، فما أستحسنُ الخشبا»

قلتُ القنانيُّ والأقداحُ ، وَلّدَها
فرعونُ قالتْ: لقد هيّجت لي طَرَبا

لا تمكننّي من العربيدِ، يشربني،
ولا الّلئيمِ الذي إن شمّني قَطَبا

ولا المجُوسِ، فإنّ النّارَ ربّهُمُ،
ولا اليهودِ، ولا منْ يعبُدُ الصُّلُبا

و لا السَّفالِ الذي لا يسْتفيقُ، ولا
غِرِّ الشّبابِ، ولا من يجهلُ الأدبَ

و لا الأراذلِ، إلاّ مَنْ يوقْرني
من السُّقاة ِ ولكن أسقني العربا

يا قَهْوَة ً حُرّمتْ إلاّ على رجُلٍ
أثْرَى ، فأتلفَ فيها المالَ والنَّشبَ