نباتُ ! بنتِ ! سباكِ اللهُ من أمَة ٍ ، - أبو نواس

نباتُ ! بنتِ ! سباكِ اللهُ من أمَة ٍ ،
كَمِ اعْتَرَتْكِ على الدّهرِ الْمشَاغيلُ

كم قد عَذَلْتُ ، وكم عاتبتُ مجتهداً ،
وقلتُ لو أخذتْ فيكِ الأقاويلُ

ما أنتِ إلاّ عَروسٌ يوْمَ جَلْوَتِها
على المنصّـة ِ ، تجْلوها العطابيـلُ

أما نباتُ، فقَدْ أضحَتْ مُخضَبة ً،
والشّعرُ مُفْتَرِقٌ بالبانِ مَغسُولُ

قالتْ: تعلَّلْتُ بالحنّاءِ ، قلتُ لها :
ما بِتَّ تطاريفِ بالحنّاءِ تعليـلُ

هذي التّطاريفُ من غُنجٍ ومن عَبثٍ،
كما زَعَمتِ، فَما للطّرْفِ مكحُولُ؟

قالتْ: كَحِلتُ بعُذْرِ العَينِ من رَمَدٍ،
فقلتُ! عذراً: فما للشَّعرِ مبلُولُ؟

قالتْ : مُطْرنا ، ولم تمطِرْ ، فقلتُ لها :
ما بالُ مئزَرَكِ المصْقولِ محلولُ ؟

قالتْ : بَرِمْتُ به حمْـلا ، فأثْقَلني ،
هذا الإزارُ، فلمْ حُلّ السّراويلُ؟

قالتْ: غُلبتُ على نفسي، فقلتُ لها:
هذا زناكِ ، فما هذي أباطيلُ

زالَ الحِمـارُ ، وكانتْ تلكَ مُنْيَتَهُ
في الطّينِ ، إنّ حمارَ السّـوءِ موْحولُ