يـاليـلة ً طـابَ لـي بهـا الأرَقُ ، - أبو نواس
يـاليـلة ً طـابَ لـي بهـا الأرَقُ ،
حتى بَدا من صَباحِها الفَلَقُ
نُسْقى سُلافاً من بنتِ دسكرَة ٍ،
مـاشـابهَا في دِنَـانِهـا الـرّنـَــقُ
اختارَهَـا في القِـطــافِ سـائمُهـا ،
حُـمـراً وسـوداً ، كـأنّـها الحدَقُ
حتى إذا في الحِياضِ صيّـرَهـا ،
خـالَـطَهـا الـزّعْـفَـرَانُ والعَـلَـقُ
حصّـنها في الحِـياضِ ؛ فاحتجبَتْ
مـا راعها رهبَـة ٌ ، ولا فَـرَقُ
خمسـين عـامـاً ، حتى إذا هـرِمتْ ،
واخضـرّ من نبتِ نبتِهـا الـورقُ
أتـوْا بهـا في الحِبَـابِ يخْـفُـرُهـا
مشيٌ هُوَيْنى ، ما إن بهِ نَزَقُ
فبـادروا لافتِـضـاضِ عُـذْرَتِـها ،
بناقد في شَبَاتِهِ زَلَقُ
فسـال منْهـا مثْـلَ الـرُّعـافِ دمٌ ،
يُشْـفَى به من سَقـامِــهِ الصّـعِقُ
نـازَعَهـا سـادة ٌ غَـطـارِفَــة ٌ ،
كأنّهمْ من شَقِيقَة ٍ شُقِقوا
يُـيْـقَـوْنَ مـن قَـهْـوَة ٍ مُـعَـتَّـقَـة ٍ ،
لها دبيبٌ في المخّ يسْتَبِقُ
أعْـطَـوا بهـا ربّهـا حكــومتَـهُ ،
بِيضـاً كمثـل السيـوف تبتـرِقُ
جاء بها كالْخَلوقِ في قدَحٍ،
تـزْهَـرُ فـي جـوفـهِ ؛ فتـأتـلِـقُ
كــأنّ إبْـرِيـقَنَـا إذا صُـفِـقَـتْ
في الكأس شيْخٌ مزَمزِمٌ شَرِقُ
كـأنّهـا والمِـزَاجُ يقْـرعُهـا
شِهابُ نارٍ في الجوّ يحترِقُ
كأنّما حفّ من قَراقِرِهَا
بـطـوْقِـهـا جـلْـدُ حيــّــة ٍ يَـقَـــقُ
في مجلـسٍ ليس فيـه فـاحشَـة ٌ ،
إلاّ حديثٌ، ومنطقٌ أنِقُ