لا تبْكِ رَسْماً بجانبِ السّنَدِ، - أبو نواس

لا تبْكِ رَسْماً بجانبِ السّنَدِ،
ولا تجُدْ بالدموعِ للجَرَدِ

و لاتُعَرّجْ على مُعَطَّلَـتة ٍ
ولا أثافٍ خلَتْ، ولا وتدِ

ومِلْ إلى مجْلِسٍ على شَرَفٍ
بالكَرْخِ بين الحديقِ ، معتمَدِ

ممهَّدٍ صُفِّفَتْ نمارقُــهُ ،
في ظلّ كرْمٍ معرَّشٍ، خَضِدِ

قد لحفتْكَ الغصُونُ أرْدِيَة ً،
فيومُك الغضّ بالنعيم نَدي

ثمّ اصطبحْ من أميرة ٍ حُجِبتْ ،
عن كل عيْنٍ ، بالصّوْنِ والرّصَدِ

لم يرَهَا خاطِبٌ، فيُمنَعَها،
ولا دَعاهُ لها أخو فَنَدِ

محْجوبَـة ٌ ، في مَقِيلِ حوْبَتها ،
تسعينَ عاماً محْسوبة َ العَددِ

لم تعرف الشمسُ أنها خُلقتْ،
ولا اختلافُ الْحَرورِ والصَّرَدِ

بين فَسيلِ يحفّها خَضِـلٍ ،
وبينَ آسٍ بالرّيّ منْفرِدِ

في كلّ يومٍ يـظلّ قيّمُهـا
مكبَّلاً، كالأسيرِ، في صفدِ

مُزَمْزِماً حولها، ومُرْتنِماً،
يوجو بصَوْنٍ لها غِنى الأبـدِ

حتى بذلنا بعقرها مائة ً،
صفراءَ تبدو بكفِّ منتقِدِ