يا مِنَّة ً إمْتَنّها السُّكْرُ، - أبو نواس
يا مِنَّة ً إمْتَنّها السُّكْرُ،
مـا ينْـقَـضـي مـني لـكَ الشّــكْـرُ
أعــطـتْـكَ فـوْقَ مُـنــاكَ من قُـبَـلٍ
مَن قيلَ إنّ مرامَها وَعْرُ
يـثْـني إليـكَ بـها سَــوالِـفَـهُ ،
رَشـَــأ صِـنـاعَـة ُ عيْـنـه السّـحْــرُ
ظلّـتْ حُـمـيّـا الكـأسِ تبْـسُطُـنَـا
حتى تهَتّـكَ بيْـنَنَـا السّـتْـــــرُ
في مجلسٍ ضَـحكَ السـرُورُ بـه
عن ناجِـذَيْـه، وحلّتِ الخـمْـرُ
ولقد تجوبُ بنا الفَلاة َ، إذا
صـامَ النّـهـارُ ، وقـالتِ العُـفْـرُ
شدَنِيّة ٌ رَعَتِ الحِمى فأتَتْ
مـلْءَ الجبـال كـأنـهـا قَـصْـــرُ
تثني على الحاذيْن ذا خُصَلٍ،
تَعْمالُهُ الشّذَرَانُ والخطْرُ
أمّـا إذا رفَـعَـتْـه شـامِـذة ،
فـتقـول : رَنّـق فـوقهـا نَـسْـــرُ
أمّـا إذا وضَـعتْـه عـارِضَـة ،
فـتقـول: أُرْخِـيَ فـوقهـا سـتْــرُ
وتُـسفّ أحْـيـانـاً ، فتـحْسَبُـهَـا
مـتــرسِّـمــاً ، يـقْـتَــادُهُ أثْــرُ
فــإذا قَـصَـرْتَ لها الزّمـامَ سمَـا
فوْقَ المقادِمِ مَلْطَمٌ حُرّ
فكأنّها مُصْغٍ لتُسْمعَهُ
بعْضَ الحديثِ بأُذْنهِ وَقْرُ
تنْفي الشذا عنها بذي خُصَلٍ،
وَحْفِ السّبيبِ يزينُه الضّفْرُ
تَـتْـرى لإنْفـاضٍ ، أضَـرّ بهَـا
جـذْبُ الُـرَى ، فخـدودهـا صِـفــرُ
يـرْمي إليـكَ بـهـا بنُـو أمَــلٍ ،
عتَبوا، فأعْتَبَهم بكَ الدَّهْرُ
أنتَ الخصيبُ، وهذه مصرُ،
فَـتَـدَفَّـقـَــا فكــلاكـمـا بَـحْــرُ
لا تـقْـعُـدا بيَ عـن مــدَى أمَـلي
شـيـئـاً ، فمـا لكـمـا بـه عُـــذْرُ
ويحـقّ لي ، إذ صـرْتُ بيْنكـمـا ،
ألاّ يُحِلّ بساحتي فَقْرُ
النيلُ ينعشُ ماؤهُ مصراً،
ونـــداكَ ينـعـشُ أهــلَه الغـمْــرُ