كَفاكَ أنّي قد بِتُّ لم أنَمِ، - أبو نواس

كَفاكَ أنّي قد بِتُّ لم أنَمِ،
وأنّ قَلبي مُستوْدعُ السّقَمِ

أوْلى بحَمـلِ المـلامِ عـاذِلُ مَنْ
يَسأل رَسْماً إجابَة َ الكَلِمِ

رَسْمُ دِيارٍ يَفْتَرّ مُبتَسِماً
منهـا البِـلَـى عَن نَواجِـذ الهَـرِمِ

أبقَى البِـلَى مِنْ جَـديـدِهنّ كمـا
أبقى من الجسْمِ مُقْـلَتي حكَـمِ

قـدِ اكتَـسَـى العودُ في الثّـرَى خِلَعاً
من يانعِ الزّهرِ ، والنّدى الشّبِـمِ

يحيَـا برُوحِ الكُرُومِ لي جَسَـدٌ ،
أخـنَـتْ عليْـهِ نـوازعُ الهِـمَـمِ

من اللّـواتي حكَى الحَبـابُ بها
وَجْهَ حَبيبٍ إليّ مُبْتَسِمِ

أظَلّ منها على شَفَا خَدَرٍ،
يأخُذُ مِنْ مَفرِقي إلى القَدَمِ

لمْ يُـنقصِ الشّيبُ من دَعارَتِها ،
ولا وَهَى عَظمُها منَ القِدَمِ

تَفعل، في الصّدرِ، بالهمومِ كما
يَفعَلُ ضَوْءُ النّهارِ بالظُّلَمِ

إذا امتَرَتْها أكفّنا نَشأتْ
لها سَحابٌ تَستَنّ بالرِّهَمِ

كَفُّ سليمانَ أمطرَتْ نِعَماً،
وتارَة ً تَستَهِلّ بالنِّقَمِ

يا غـرّة َ الشَّـرْبِ ، وابنَ غـرّتِهِمْ
جِبريلُ مُرْدي كَتائبِ البُهَمِ

كَلَّ لساني عن وَصْفِ مدحك يا بْـ
ـن الصيِّد، وَاستضعفتْ قوَى هممي

ولَستُ إلاّ مُعذّراً، ولوِ استَنْـ
ـطقتُ فيهِ عن ألسنِ الأُمَمِ