ومَجلسٍ ما لَهُ شَبيهٌ، - أبو نواس

ومَجلسٍ ما لَهُ شَبيهٌ،
حَلّ بهِ الْحُسنُ والْجَمالُ

يَمْطُرُ فيهِ السّرورُ سَحّاً،
بديمَة ٍ ما لها انْتِقالُ

شَهِدْتُهُ في شَبابِ صِدْقٍ،
ما إنْ تُسامَى لَهُمْ فَعَالُ

نأخُذُ صَهباءَ، بنتَ كَرْمٍ،
عَذراءَ، لم تُؤوِها الحِجالُ

نَشرَبُها بالكِبارِ صِرْفاً،
ولَيسَ في شرْبنا مُطالُ

يَسعَى بها مُخطَـفٌ ، غـريرٌ،
كأنّهُ البَدْرُ، أو مِثالُ

فصُرّعَ القومُ، واستَدارَتْ
رحَى الحُـمَيّـا بهم ، فمـالُـوا

كأنّما الشَّربُ بَعدَ هَـذْي ،
صَـرْعَى تَمـادى بهـمْ كَـلالُ

حتى إذا ما بـدا سُهَـيْـلٌ ،
وحانَ مِنْ لَيلِنـا ارْتِـحــالُ

نبّهتُ طَلْقَ اليَدَينِ، سَمحاً
يمطرُ من كفّهِ النّوالُ

فـقلتُ : خذْها فـدَتْكَ نَفسي ،
فكُلّ شيءٍ لَهُ زَوالُ

فقامَ، والنّوْمُ في الْمَآقي،
كأنّما مَسّهُ خَبالُ

ثمّ احتَبَى مُسرِعاً، وغَنّى
بخُـسـرَويٍّ لَـهُ دَلالُ :

«عَيناكَ دَمْعاهُما سِجالُ
كـأنّ شـأنيْهْـمـا وِشــالُ