قــــيامة - غيث القرشي

يمرّ العمرُ مثل البرق ِخطفا ً
ونــحنُ نـصارع الزّمَـنَ العَـنـيدا
ولولا فسحة ٌفي القـلب ِتبقى
لـكــانَ الهجـرُ مـفتـاحا ًســديـدا
رأيتك,ثـمّ ذابت في عـُيوني
نـُـجــوم ٌصافـَحَت افــقا ًبعــيدا
هيَ الأقدارُ,دفـقٌ من سـِهام ٍ
إذا انـطـلقـَت،نـَصيرُ لها عَـبيدا
وإنّ العشقَ داءُ الموتِ حينا ً
وخيرُ الموت,أن تقضي شَهيدا
*
مدخل:عندما ينير الهدف، وتتضح معالم الطريق، تتضاءل قيمة الوسيلة.
خُطايَ تسَرقني..
إلى حيثُ المسافة لم يعد فيها احتمالٌ للرجوع ِمن البعيد
وحدي..
أسيرُ على ضفافِ البركةِ العَمياء
حيثُ البداية لا مكانَ يَحدّها..
حيثُ النهايةُ ترسُمُ الصُورَ الجميلة في إطارٍ كر بُلاء
وحدي أسيرُ لاقتفي أثرَ القوافِلِ في دروبي..
كي أُمسِكَ الشَمسَ الجَميلة.َ..
كي أصيرَ سَنىً يُحرك ما تبقى من حُطامِ الصّحوة الأولى
يستسلمُ الحرفُ المسافِرُ في فضاءِ الروحِ للفوضى
فإنّ الحرفَ يعرفُ قدرَهُ..
عند اصطدام الصخرةِ الصّماءِ بالموجِ العصيّ
وحدي أحلقُ..
في جناحِ النورسِ الغافي على كفّ القصيدة..
وحدي..
أعودُ إلى بداياتِ الكواكبِ كي أرَاني نَيزَكاً..
يَستلّ من قدَرِ سَماء
وحدي ارتقيتُ..
من القرارِ إلى الجوابِ
من المكانِ إلى الفراغِ
من التجمد للعبورْ
من الغياب إلى الحضورْ
من السقوطِ إلى الصعودِ
من التكدر للصفاءْ
وحدي أصير أيائلا ً..
تعدو بها الأرضُ الفسيحة نحوَ خط ّالاِستواءْ
إنّ الحُروفَ دَمٌ أعيشُ بنبضِهِ..
ما ضَرّني..
أن يخرجَ الحَرفُ الحَبيسُ..
وان تشكلني الدماء.
***
تبَعتُ خُطَايَ..
الى عالم ٍلا يُحب ظهورَ الحقيقةِ فيهِ
فكنت الغريبَ بهذي الجُمُوع
وكنتُ الوحيدَ الذي يستلذ ّبما يَعتريهِ
إذا الليلُ لملم ذيلَ الرّجُوع
تبعتُ خطايَ التي أتعَبتها الظنونُ كثيرا ً..
فكانَ المدى..
ثم كانت حياة تضُجّ بنحلٍ يُلملم هذا الرّحيقَ الجَميلْ
تبعتُ خَطايَ بهذي الطريقْ
إلى شرفةِ القادمِ المستحيلْ
وصوتٌ ينادي:
تعال،وهيا أفق من سباتِكْ
وما زالَ ثمة صوتٌ ينادي
بعيدا ً...
خرجتُ بروحي منَ الجسم ِنحوَ الخلودِ الأخير
وكنتُ امتصاصَ الطبيعةِ للأفق ِ..
كنتُ المدى فوقَ كفّ الأسير
وما زالَ في القربِ صوتٌ ينادي:
أنايَ القريبة
تلك الغريبة ُعني تنادي:
( أفق
لا تفكر كثيرا ً
فأنت المدى والطريقُ الطويل
وليست سوى نجمةٍ زائفة).
***
" ومن لم يعانقه شوق الحياة ----
تبخر في جوها واندثر "*
وكنتُ وحيدا ً..
كما جئتُ قبلا لهذي البلاد
وكنتُ الصّدى دونَ صوتٍ ينادي
وكنتُ المكانَ
وكنتُ الزمانَ
وكنتُ العبورَ لافقِ المدادْ..
وكنتُ السّيوفَ التي قد تقولُ..
وكنتُ الحروفَ التي لا تقادْ
تعالَ...
وخلـّد هواكَ الغريبَ كنقش ٍ يُخَط ّعلى سطح ِكوكب
فأنتَ الخلودُ،وُجدتَ لتبقى..
وأنتَ الحضورُ الجميلُ..
وأنتَ التفاؤلُ..
أنتَ الولادة للحلم ِمن رَحِم ِاليأس ِتخرُجُ..
ثم تعيشُ وتبقى
وأنتَ انفجارٌ لِخَصبِ الطبيعةِ..
أنت المحارب كنت قديما ً
وتبقى كما كنتَ دوما ً:
إذا جاءَكَ الموتُ كان دليلا ًعلى صحةِ البعثِ فيك
وما زالَ صوتٌ جواري ينادي:
( لماذا تحاول؟
ومن يستحق النضال هنا من نجوم ٍتضيءُ ليومين ِثم تغيبُ طويلا؟
أفِق من سُباتِك..
لوح بيسراكَ صوبَ الحُروفِ
ولوح بيمناكَ صوبِ الدفاتر
فهذي الحروفُ التـّي تعتريكَ دليلٌ عليكَ
دليلٌ..
على أنّ قلبكَ ما زالَ غضّا ًطريّا
دليلٌ..
على أنّ قلبكَ..
ما زالَ حَـيّا. )
***
إذا كنتَ تـَحيا على طيفِ وَجهٍ جَميل ٍ..
وتنحَتُ تِمثالهُ كي يعيش..
فيوما ًيصيرُ الجَمالُ ذبولا ً
ولكنّ دربَ القصيدةِ سوفَ يَعيشُ طويلا ًويبقى
فـَكـُن عادلا ًفي اختيار ِالتماثيل ِ
فالبَعضُ..
لا يستـَحِقّ العَناءْ.
***
خُطايَ تسبقها البَصيرَة ُ..
لستُ املك أيّ أسلوبٍ أشكلهُ لكي تبقى الحقيقة ُقصة ًمثلى
فان الباحثين عن الحقيقةِ صارَ يُغريهم توحّدُ فكرنا نحوَ الصواب
أنا لا احبُ سماع أغنيةٍ بدونِ تناسق المعنى على لحن ِالوتر
أنا لن أصيرَ كما أريدُ بأن أكونَ كفكرة ٍتعتاشُ في كنفِ الخَطَر
أنا قد احبكِ جامحا ً...
أنا قد احبكِ عاشقا ً...
ولقد يصيرُ الحرفُ بينَ أصابعي سَهما ً..
ويصبحُ قلبكِ أرضَ القدر
ولقد تزيدُ بصيرتي ألقا ًإذا بَعُدَت مَسافة بَينـِنا..
أو قد يُثارُ الياسَمينُ إذا اقتربتِ إذا اقتربتُ
وتعبَقُ الدنيا برائِحةِ الورودِ
وتدركُ الأحلامُ زيف وجودها
أنا قد أحِب جمالَ عينيكِ اللتين تشكلان ِقصيدتي حينا ً..
وتجتثـّان مني ذلك الطفلَ الذي كانت تسامِرُهُ النجوم
أنا قد أ ُشكلُ من صدى لفظٍ لحرفٍ من شفاهِكِ يا ابنة َ اللغةِ الرؤوم
أنا قد أحِبّ جَمالَ وجهِ بَداوةِ الماضي وعَولمة َالحواضِرِ..
طفلة ٌ تعدو على كفي لكي تـَهَبَ الحَياة َبريقـَها
أنا قد أحبكِ باختياري..
- إن أردتُ -
فيصبح القلبُ المسافر في حنايا الروح ِموقعة المحاربِ
ثم يصبحُ وجهُ هذي الأرض ِشكلا ً آخرا ً
وتعودُ تسرقني خُطاي..
من حيثُ كان البدءُ شكلَ نهايةِ الدربِ البعيد
وأعودُ يوما ً..
عبر إرهاصاتِيَ الكبرى
لينقلنِي الحَنينُ إلى مَداي
أنا قد أحِبكِ..
عبر دربِ الشعر أرفـَعُ راية ً..
يستسلمُ الحرفُ المسافرُ في مدادِ الحبرِ فيها لانتفاضاتِ القلوبِ
ونزعةِ العشق ِالمريرة
قد كـُنتِ يوما ً شُعلـَة ً..
والآن..
تنتفضُ الحُروفُ لأننا ضِعنا..
وضيعنا المسيرة َ في المسيرة
فلتذهبي..
من دون ِعَـوْدٍ..
فأنا أحَلـّقُ
في جناحِ النورس ِالغافي على لغتي الجميلةِ..
فوق أضرحتي الأخيرة.
_____
* أبو القاسم الشابي