خلِّياني عند اصطكاك الخصوم - ابن الرومي

خلِّياني عند اصطكاك الخصوم
وازحما بي عند اعتراك القُرومِ

وكلاني إلى بلائي وصِدْقي
تأمنا نبوة َ الكَهَام اللئيم

يا بن بوران ما نجوتَ لوأ
دِ الخير لكن لوأد شرٍّ عظيم

لو تبعتَ الأُلى مضوْا من شهيد
ووئيدٍ إلى جنان النعيم

كان خيراً من البقاء لحربي
بل أبى شؤمُ جَدِّك المشؤوم

وإذا لم تَحِنْ محائنُ قومٍ
فلماذا تجري نحوسُ النجوم

أنا من أذْعَنَتْ له الإنسُ والجنْ
نُ جميعا بالقَسْرِ والترغيم

واسعُ العفوِ للمُنيبِ وعندي
نقماتٌ تدومُ للمستديم

سوف تدري غداً إذا ما التقينا
للتهَاجي في حَفْلِ أهل العلوم

حين أفْتَرُّ عن قوافيَّ غُراً
وتُوَرِّي عن مَضْحك مَهْتوم

يا بن بوران كيف أخطأك الجس
م فلمْ تعلُ جِسْمَ كُلِّ جسيم

فلعمْرِي لما أُتيتَ من الما
ءِ ولكن من السِّقاءِ الهزيم

شملَ الناسَ عدلُ أُمك حتى
سارَ فيهم كَسيْر جورِ سدُومِ

لو رآك الرجالُ شيئاً نفيساً
كثُرتْ فيك هثهثات الخصوم

كيف ندعوهم لآبائهم ربي
ومنهم أمثال هذا الزنيم

كُلُّ فحْلٍ أبوك عدْلاً من ال
له وعيسى بلا أبٍ كاليتيم

تطمِث الأرضُ من مواطىء بو كلّث عضو من جِسمها فيه فرجٌيقتضيها الزنا اقتضاءَ الغريم
ران ولو بينَ زمزم والحطيم

كلّث عضو من جِسمها فيه فرجٌ
يقتضيها الزنا اقتضاءَ الغريم

أفحُش القذف والهجاء لبو
رانَ طهورٌ كالرجمِ للمرجوم

كيف لا تسقطُ السماء على الأر
ضِ ونُرمَى من أجلها بالرجومِ

كثُرتْ موبقات بوران حتَّى
ضاقَ عنها عفوُ الغفورِ الرحيم

غلبتهُ خلاعة ً ومُجوناً
يا لقوم للشيخة المِغْليم

ذللت أنفهُ فكيفَ أرادَتْ
صرَّفتْهُ كالكودن المخْطوم

فإذا ليم في تغاضيه عنها
قال مِنْ شأْنِيَ اطراحُ الهموم

رضي الشيخُ بالذي قدرَ ال
لهُ فألقى مقالدَ التسليم

غيرَ أنْ لم تَغْبنْهُ طرفة ُ عيْن
بفُجورٍ ولا زناً مَكْتومِ

بل بسحناءِ وجهِ سهلٍ طليقٍ
وبطيب من نفسِ سمْحٍ كريم

لو أطاعتْ كما عصتْ لاستحقَّتْ
خُلَّة الله دون إبراهيم

ليس لي من هجاءِ بورانَ إلا
نَقْل منثُورهِ إلى المنظومِ

ومعانِيَّ كلهنَّ اتباعٌ
لا ابتداعٌ والعلمُ بالتعليم

هي تفري لي الفريَّ فأحذو
حذوها كالإمام والمأموم

ما أراني أُسيِّرُ الشعرَ فيها
سيرها في سُهولها والحُزوم

هي أهدى من القوافي وأسرى
في دُجَى الليلِ والفلا الدَّيْموم

حملاها النهارُ والليلُ دأْبا
يُعملان الرسيمَ بعدَ الرَّسيم

ليس يُخلي منها مكاناً مكانٌ
هي شيءٌ خُصُوصًهُ كالعُموم

تتأنَّى محيضها ثم تَزْني
في المحاريب طاعة ً للرجيم

هي طيفُ الخيالِ يطرقُ أه
لَ الأرض من بين ظاعنٍ ومقيم

هي بالليل كلُّ شخصٍ تراه
ماثلاً في الظلام كالجرثوم

لا تَمَلُّ البروكَ أو تقعُ الطي
رَ على متنها كبعضِ الأروم

ناقضتْ مريم العفافَ فلمَّا
قاومتها بالغيِّ والتأثيم

صَمدَتْ في الزِّنا تُناسلُ حَوَّا
ء فحوَّاءُ عِندها كالعقيمِ

أيُّها المُؤذني بصرْم حبالي
رُبَّ رُزْءِ كالمَغْنَم المَغْنومِ

في الذي بين ترْمَتَيْكَ وبيني
خلفٌ منْ وصالك المصروم

لا تخلني قرعتُ سِنّاً بظُفْرٍ
من ندام عليك أو تنديم

في سبيلِ الشيطان منك نصيبي
وعليكَ العفاء لؤمَ ابن لوم

وهنيئاً لحرمتيكَ هنيئاً
حازتا فحلتي بغَيْرِ قسيمِ

فهو يجري فيها ويسلك منها
حيث تَجري أرواحها في الجسومِ

نزعَ الله غيرة الفحل منه
فهو ما شئت من فؤادٍ سليم

تقليس النَّخلُ في مرارته الأر
يَ مُصَفَّى من القذى والموم

غير أن الفتى يغايرُ عِرْسَيْ
هِ على كل ناشيء صهميم

جِذلُ نَيْكٍ يمشي الهوينا فينما
زُ وزيمٌ منْ لحمهِ عن وزيم

إنَّ مَنْ كوَّنَ السفاحَ سِفاحاً
ساطهُ من دِمائها واللحومِ

جامعاتِ بذاك أمرين في أم
رٍ فعالَ المُسْتَمْتعِ المستديم

كانتا منكَ في ضِرارٍ فأمسى
لهما شِربُ يومك المَعْلوم

ثمدتني بناتُ بورانَ حتَّى
أعْقمَتْني وكنتُ غير عقيم

لقى الناسُ من زناهنَّ شرًّا
فهُمُ بين جافر وسقيم

قد أكلن الأيورَ الضَّواري
وشربن المنيَّ شرْبَ الهِيم

رافعاتِ الأْقدام بالليل يدعو
ن على المحصِنين بالتأثيم

قلتَ لما قرأت في مجلس الأق
وامِ طوبى الأمِّ والمزكوم

غيرَ لام أدغمتها أنت في مي
مك ثم احتجَجْتَ يا بنَ الخطيم

يا اخا النحو والمُقَدَّمَ فيه
لم تر اللام أُدغمت في الميم

فهو يَجْتَرُّ جرة ً بعد أخرى
تترقى من فرثه المزحومِ

كُلَّما هبَّ هبَّة ً بنشاطٍ
حفزتْ جعسه إلى البُلْعوم

يتقصاه مُغْرقُ النَّزْع فيه
كتقصّى الطبيب سبْرَ الأميم

باتَ قِمْعٌ يدعُّهُ في الصَّمارى
مثلَ دعّ الرَّبيبِ وبينَ الكُروم

سائل القمعَ ليلة القَفْص عنهُباتَ قِمْعٌ يدعُّهُ في الصَّمارى مثلَ دعّ الرَّبيبِ وبينَ الكُروم يتقصاه مُغْرقُ النَّزْع فيهكتقصّى الطبيب سبْرَ الأميم كُلَّما هبَّ هبَّة ً بنشاطٍحفزتْ جعسه إلى البُلْعوم فهو يَجْتَرُّ جرة ً بعد أخرى تترقى من فرثه المزحومِ يا
بين حاناتها وبينَ الكُروم

أيُّ نَتْن وأيُّ مَسْموعِ سوْءٍ
عدِماهُ حاشا الكتابِ الحكيم

كيفَ لا يحرق الجِنان ابن بورا
ن بذاك الفم الخبيثِ النَّسيم

قسماً لو يكون الاسمُ المُسَمَّى
أصبحتْ كُلُّ جَنَّة ٍ كالصَّريم

غرَّكَ الرائدان ويلكَ مني
وأسامك في الوبيل الوخيم

إذْ تَنَقَّصْتَني بصعلكة الرأ
س سفاها فاذَّمَمت غير ذميم

ما تعدَّيتَ أن وصفت خِشاشا
لوْذَعِيّاً كالحَّية المشهوم

لوذعياً كأن مابين عطفي
ه مصابيحُ كل ليل بهيم

بتضني الفؤاد يسرب في الخُر
ت وينغلُّ في مجاري السموم

وقديماً ما جَرَّبَ الناسُ قَبْلي
ثِقلَ الهامِ في الخِفاف الحُلوم

واعتبِرْ أنَّ أفسل الطير في الطَّيْ
رِ وفينا كروسات البُوم

ثم حاولت بالمصيقل تصغي
ري فما زدْتني سوى تعْظيم

كالذي يعكسُ الشِهابَ ليْخْفَى
وهْو أدنى لهُ إلى التَّضريم

وإذا سُمِّيتْ دُوَيْهِيَّة ً أح
دى الدواهي فالأمر غير مروم

ما تُبالي وبينَ كشحيك هذا الشْ
شِعْرُ سُكْنَى لظى ً وشُرْبَ الحميم

كلماتٌ ليست بمكروهة المس
موع لكن مكروهة المشمومِ

لم تَسربْ في خَرْقِ أُذْني وطارت
كمطير الفُساء في خيشوم

يابن بورانَ قد أظَلَّكَ زَجْرٌ
كالدُّخانِ المذكور في حاميم

يابن بوران لامفر من ال
له ولا من قضائه المحتوم

كنتَ فيما أرى حسبتَ هجائي
ك هجاءً أبقى مَصَحَّ أديم

فتغاضيتَ خوف أعْرم منه
راضياً خُطَّة َ الذليلِ المضيم

فإذا الأمرُ فوق ماكنتَ قدْ
دَرْتَ وليسَ اليقينُ كالترجيم

صدمت مِسمعيك شُنْعُ القوافي
صدمة ً غادرتك كالمأموم

فتلومْتَ واقفاً موقِفَ الأش
قرِ بين التأخير والتقديم

تَقسِمُ الأمر رهنَ نحرٍ وعَقْرٍ
قد تَحيرت حيرة َ المدهوم

ساعة ً ثم قلتَ قد هلك الهُلْ
كُ فأشْفي غيظي وأُمضي هُمومي

ولعَمري لقد عميتَ من الرُّشْ
د وقصدِ المحجَّة المستقيم

ما مضيضُ الكُلوم مغتبطاتٍ
كمضيضِ الكُلومِ فوقَ الكلوم

إنَّ شتْما ألمته يابنَ بورا
نَ لأدهى من العذاب الأليم

ليس هذا عهدي بصبرك للهو
ن على سالفِ الزمان القديم

ما عهدناك قطُّ إلاَّ عَزوفاً
للْمَذَلاَّتِ مستباحَ الحريم

لاتبالي من ناك أمَّك جهراً
مِنْ عدُوٍّ ومن وليٍّ حَميم

أفْتَرضى بنيكها وتُبالي
شتْمها يا ضلال حِلمْ الحليم

اعتبرْ أين مَنْ يجاهر بالسوء
في أمِّه من المَشْتوم

غيرَ أنِّي أنضجْتُ جِلدكَ كيًّا
فتململْ فأنتَ غيرُ ملوم

لكَ عُذرٌ أن لاتنام لعمري
أنا أدهى من أن ينام سليمي

يابن بوران دعوة لو تَجَرَّأ
تَ بها ما قرنتَ ميماً بميم

هاكها حلة سيودي بك الده
ر وفيها طرائق التسهيم

قد أردتُ التَّشْبيبَ فيها ولكنْ
لم تكنْ لي مندوحة ٌ في الميم

لايراني الإلهُ أهجوكَ عُمري
أنت عندي في حالة المرحوم

لِلْقوافي في وصفِ أمِّكَ شُغْلٌ
يابن بوران عن صفاتِ الرسوم