أفي كلَّ يومٍ للأمانيَّ تَكذِيبُ - ابن معصوم المدني

أفي كلَّ يومٍ للأمانيَّ تَكذِيبُ
ولِلدَّهر تَصعيدٌ علينا وتَصْويبُ

إلامَ انقيادي للزَّمانِ تَروعُني
له كلَّ يوم مُزعجاتٌ أساليبُ

أفي الحقِّ أن أصدى وفي القلب غُلَّة ٌ
يَشبُّ لها بين الجَوانح اُلُهوبُ

ويُصبح مَن دُوني نَقيعاً أوامُهُ
يَسوغُ له عذبُ الموارد اُثعُوبُ

أروحُ وأغدو تَقتضِيني نَجاحَها
أمانيُّ نَفسٍ كلُّهنَّ أكاذيبُ

عتبتُ على دَهري وما الدهرُ مُعِتباً
ولكنَّ عجزاً انتظارٌ وتأنيبُ

وقد ساءني بين المهَانة والعُلى
مقامي على حال لها الجأشُ مرعوبُ

فأمَّا عُلاً لا يُلحَقُ الدَّهرَ شأوُها
وأمّضا خمولاً فهو في الحقِّ مَرغوبُ

طُبِعتُ عل ما لو تكلَّفُت غيرَه
غُلبتُ وقد قيل التكلُّفُ مَغلوبُ

أيوقفُني صرفُ الزَّمان ضَراعة ً
وما الخطوُ مقصورٌ ولا القيدُ مكروبُ

إذاً لا نَمتْ كفِّي إليَّ مهنَّدي
ولا قرَّبتْ بي المقرَباتُ اليَعابيبُ

وكلُّ طمرٍّ فائتِ الشأوِ سابقٍ
له في مَوامي البِيد عدوٌ وتَقْريبُ

علامَ ولا سُدَّت عليَّ مَذاهبي
ولا عاقَني تَرغيبُ أمرٍ وتَرهيبُ

إذا أقعدَتْني الحادثاتُ أقامَني
لِنيل العُلى عزمٌ وحزمٌ وتجريبُ

وإن أنا جُبتُ البيدَ في طلَب العُلى
فكم جابَها قَبلي كرامٌ وما عِيبوا

تُجاذبني الأيامُ فضلَ مقادَتي
ومن دُونه فَرعُ السِّماكين . مَجذوبُ

وما عذرُ من يَرجو من الدَّهر سَلمهُ
وقد أمْكنَتهُ المرهَفاتُ القَراضيبُ

لقد آن أن يَصفو من العزِّ مَوردي
فينجحَ مأمولٌ ويرتاحَ مَكروبُ

أنِفتُ لمثلي أن يُرى وهو والهٌ
وما أنا ممَّن تَزدهِيه الأطارِيبُ

أبيتُ فلا يَغشى جنابيَ طارقٌ
كأنِّي ضَنينٌ من نواليَ محجوبٌ

أبى ليَ مَجدي والفتوَّة ُ والنُّهى
وهمَّة ُ نفسٍ أنتجتها المناجِيبُ

وقد عَلمْت قومي وما بي غباوة ٌ
بأنِّي لنَيل المُكرمات لمخطُوبُ

وهذا أبي لا الظَّنُّ فيه مخيَّبٌ
ولا المجد متعوسٌ ولا الرأي مكذوبُ

له من صَميم المجدِ أرفعُ رتبة ٍ
ومن هاشمٍ نهجٌ إلى الفَخر مَلحُوبُ

وهل هو إلاَّ دَوحة ٌ قد تفرَّعتْ
فكنتُ لها غُصناً نَمَتْه الأنابيبُ

وما ذاتُ نشرٍ قد تضاحك نَورُها
وهلَّ بها من مَدمَع المزنِ شُؤ بوبُ

تُغانُ لها ريحُ الصَّبا إن تنفَّست
وللشمس تَفضِيضٌ عليها وتَذهيبُ

ينافسُ ريَّاها من المِسْكِ صائِكٌ
ومن نفحات المَنْدل الرَّطب مَشبوبُ

بأعبقَ نشراً من لَطيمة ِ خُلْقِه
إذا فُضَّ عنها من مَكارمه طِيبُ

هُمامٌ إذا ما همَّ أمضى على العِدى
من العَضب حدّاً وهو أبيضُ مَذروبُ

تُريكَ زُؤامَ الموتِ لحظة ُ بأسِه
وماءُ الحَيا من جُود كفَّيه أسكوبُ

هو الأبلجُ الوضَّاحُ فوقَ جبينه
ضياءٌ من النُّور الالهِّي مكتوبُ

حفيٌّ باكرام النَّزيل إذا أوى
إلى سُوحه آواه أهلٌ وترحيبُ

فتى ً ثُقلت أيدي نَداه على الطُّلى
فأطَّت كما أطَّت لاعبائِها النيبُ

أقام عمادَ الملك بعد ازوراره
فأمسى له نصٌّ اديه وتطنيبُ

أتربَ المعالي والعَوالي وربَّها
ومن ضاق في عَلياه وصفٌ وتلقيبُ

شكوتُك حالاً قد أتاحت ليَ الجوى
فهل أنت مُشكٍ أم لحظِّيَ تتبيبُ

أعيذك أن أمسي وفي النَّفس حاجة ٌ
ومن دون ما أرجوهُ همٌّ وتعذيبُ

أراني لَقى ً لا يَرهبُ الدهرَ سطوتي
عدوٌّ ولا يَرجو نواليَ محبوبُ

فحاشاكَ أن ترضى لشِبلكَ أن يُرى
وقد نشِبتْ للدهر فيه مخاليبُ

وعَدتُ رجائي منكَ أنجح مِنحة ٍ
وانِّيَ إن لم أوفِ وعدي لَعُرقوبُ

فها أنا قد وجَّهتُ نحوكَ مطلبي
وأغلبُ ظنِّي أن سَينجحُ مَطلوبُ