ثورة الأيام - سالم بن رزيق بن عوض
الليل يمخر في ذاتي ويندفعُ
والموج يصفعُ شطآني ويرتفعُ !
والريح تعوي كما يعوي المدى أبداً
وتلتوي فوق أوجاعي وتقتلعُ
تهز ذاتي كما هز الهوى رجلاً
ما زال يكتشف الدنيا ويخترعُ !
يمد خاطره الباكي ويقبضه
يزجي به الهم في البلوى ويرتجعُ
يقطع العمر بالشكوى إلى جدث
يبكي ويبكي وقبل القطع ينقطعُ
***
مسافر في أتون اليأس مرتكسٌ
في وهمه ! والمدى في الكون يستمعُ
مسافرٌ ! والليالي صوب وجهتها
تشقى به ! والسراب الغر ينخدعُ
مسافرٌ والمنايا في تقلبها
سم المواضي ! ووجه الهم ينتقعُ
مسافرٌ خلف خلف الخلف ! في يده
جحيمه ! والليالي فيه تنتفعُ
مسافرٌ سفراً يلقي مباهجه
في آخر العمر! نحو السفح ينسفعُ
***
كان الضياع رفيق العمر ، كان به
شقي روح ! له في دهره رقعُ
يهدي له من لباب الذات أنفسه
وينمحي ! وهو في العنين ينزرعُ
ويفرش الأرض ! يسقيها نفاسته
وطهره ! وهو بألآم يطلعُ
يسعى له بين كل الخلق يتبعه
فشأنه يختفي حيناً ويتبعُ
وجه عجيب ! صفيق الطبع ينشره
بين الورى! وعلى أثاره قزعُ
***
نامت لياليه ! لا يلقى بها طرقاً
نحو الصباح ! ونام الليل والفزعُ
والهول يجري على ساق بلا قدم
نذل السريرة ! فوق السحب يرتفعُ
يلون الأفق الممدود ! يمنحه غرابة
في سواد الليل ينخدعُ
يشري النفوس ! بلا مال يقومها
يقدم الوهم ! فوق الوهم يجتمعُ
وتلتقي فيه أفكار مبعثرة
كانت هباء ! وهذا اليوم تجتمعُ
***
ألقى إلى التيه مجداف الحيا
وما لاقى من الهم ! والأيام تستمعُ
كانت حيارى ! بلا لون ولا نغم
ولا فؤاد ! عليه الطير والبجعُ
كانت حيارى ! بلا وجه ولا أفق
تقلب العمر في الدنيا وتقتنعُ
كانت حيارى ! بلا درب ولا نفق
تسلم الأمر للأقوى وتنصرعُ
كانت و كانت وللأيام ثورتها
والليل يمخر في ذاتي ويندفعُ !