أنزلتُ من ليلٍ كظلّ حصاة ِ ، - ابن المعتز

أنزلتُ من ليلٍ كظلّ حصاة ِ ،
ليلاً كظلّ الرمحِ ، وهو مؤاتِ

وتُحارِبُ الانسانَ عِدّة ُ عَقلهِ،
لحوادثِ الدّهرِ الذي هوَ آتِ

ولقَد عَلِمتُ بأنّ شُربَ ثلاثة ٍ
درياقُ همٍّ مُسرعٍ بنَجاة ِ

فاشرب على قرنِ الزمانِ ، ولا تمت
أسفاً عليهِ ، دائمَ الحسراتِ

وانظُر إلى دُنْيا ربيعٍ أقبلَت
مثلَ النّساءِ، تبرّجت لزُناة ِ

و غذا تعرى الصبحُ من كافوره
نَطَقَت صُنوفُ طيُورِها بلُغاتِ

و الوردُ يضحكُ من نواظرِ نرجسٍ
فديت وآذنَ حبها بمماتِ

فتتوّجَ الزّرعُ السنيُّ بسُنبُلٍ،
غضِّ الكمَائمِ أخضرِ الشّعراتِ

و الكمأة ُ الصفراءُ بادٍ حجمها ،
فبكُلّ أرضٍ مَوسِمٌ لحيَاة ِ

فكأنّ أيديهم ، وقد بلغَ الدجى ،
يَفحَصن في المِيقاتِ عن هاماتِ

وتَظلُّ غِربانُ الفَلا، فيما ادّعت،
يأكُلنَ لحمَ الأرض مُبتدراتِ

والغيثُ يُهدي الدمعَ، كلَّ عشيّة ٍ،
لغيومِ يومٍ لم يحط بنباتِ

و ترى الرياحَ إذا مسحنَ غديره ،
صَقّلنَهُ، ونَفَينَ كلَّ قَذاة ِ

ما غنْ يزالُ عليهِ ظبيٌ كارعٌ ،
كتطلعِ الحسناءِ في المرآة ِ

و سوابحٌ يجذفنَ فيه بأرجلٍ
سكنت عليه بكثرة ِ الحركاتِ

فتخالُهُنّ كرَوضَة ٍ في لُجّة ٍ،
و كأنما يصفرنَ من قصباتِ

ويُغَرّدُ المُكّاءُ في صَحرائِهِ،
طرَباً لتَرنيحٍ مِنَ النّشَواتِ

يا صاحِ غادِ الخندريس ، فقد بدا
شِمرَاخُ صُبْحٍ لاحَ في الظلُماتِ

والرّيحُ قد باحتْ بأسرارِ النّدى ،
وتنفّسَ الرّيحانُ بالجَنّاتِ

شفعْ يد الساقي وطيبة َ مائهِ ،
في السكرِ كل عشية ٍ وغداة ِ

و معشقِ الحركاتِ يحلو ، كله
عذبٌ ، غذا ما ذيقَ في الخلواتِ

ما غن يزالُ ، غذا مشى متمنطقياً ،
بمنَاطِقٍ مِن فِضّة ٍ قَلِقاتِ

فكأنهُ مستصحباً صناجة ً ،
في حَضرة ٍ من كثرة ِ الجَلَباتِ

طالبته بمواعدٍ ، فوفى بها ،
في زورة ٍ كانت من الفلتاتِ