لقد صاحَ بالبينِ الحمامُ النوائحُ ، - ابن المعتز

لقد صاحَ بالبينِ الحمامُ النوائحُ ،
وهاجت لك الشوقَ الحُمولُ الرّوائحُ

حلَلنا الحِمى حتى انمحَت نَبهة ُ النّدى ،
و سارت بأخبارِ المصيف البوارحُ

رمَتني بلحظٍ فعلُه الموتُ، واصلٍ
إلى النّفسِ لا تنأى عليه المطارحُ

كلحظة ِ بازٍ صائدٍ، قبلَ كفّهِ،
بمقلتهِ ، والطيرُ عنه بوارحُ

لنا وَفْرَة ٌ ما وفّرَتها دماؤنا،
ولا ذَعَرَتها في الصّباحِ الصّوابِحُ

تقسّمهنّ الحربُ إلاّ بَقِيّة ً،
تردُّ علينا حينَ تُخشَى الجوائحُ

إذا غَدرت ألبانُها بضيوفنا،
وَفَتْ للقِرى جيرانُها والصّفايحُ

و قيدها بالنصلِ خرقٌ ، كأنه
إذ جدّ ، لولا ما جنى السيفُ ، مازحُ

كأنَّ أكفّ القومِ، في جَنَباتِه،
قطاً لم ينفرهُ عنِ الماءِ سارحُ

و قدمَ للأضيافِ فوهاءَ لم تزل
تُجاهِرُ غَيظاً كلّما راحَ رائحُ

كأنّ بناتِ الغَلْيِ في حَجَراتِها
إذا ما انجلتْ أفلاءُ خيلٍ روائحُ

وكم حضرَ الهيْجاءَ في ناصحِ الشّظا
تكامل في أسنانه ، فهو قارحُ

له عُنُقٌ يغتالُ طولَ عِنانِه،
و صدرٌ ، إذا أعطيته الجريَ ، سابحُ

إذا مالَ في أعطافِهِ قلتَ شاربٌ
عناهُ بتصريفِ المدامة ِ صابحْ

أبى الموتُ أن تُخشى شُرَيرَة ُ حلَّه،
لعلّ الّذي تَخشَى شُرَيرَة ُ صالح

فإن متُّ، فانعيني إلى المجدِ والتّقى ،
و لا تسكبي دمعاً ، إذا قام نائحُ

وقولي: هوَى عرشُ المكارِمِ والعُلى ،
و عطلَ ميزانٌ منَ العلم راجحُ

فما يخلقُ الثوبَ الجديدَ ابتذاله ،
كما يخلقُ المرءَ العيونَ اللوامح