تَعاهَدَتكَ العِهادُ يا طَلَلُ، - ابن المعتز
تَعاهَدَتكَ العِهادُ يا طَلَلُ،
حَدّثْ عن الظّاعنينَ، ما فعَلوا
فقالَ : لم أدرِ غيرَ أنهمُ
صاحَ غرابٌ بالبينِ ، فاحتملوا
لا طالَ ليلي ، ولا نهاريَ من
يَسكُنُني، أو يردّهم قَفَلُ
و لا تحليتُ بالرياضِ ، ولا النو
رِ، ومَغنايَ منهُمُ عَطَلُ
عليّ هذا ، فما عليكَ لهم ؟
قلتُ : حنينٌ ودمعة ٌ تشلُ
و غنني مقفلُ الضمائرِ من
حبّ سواهم ، ما حنتِ الإبلُ
فقالَ : مهلاً تبعتهمْ أبداً ،
إن نزلوا منزلاً ، وإن رحلوا
هَيْهَاتَ! إنّ المحبّ ليسَ لهُ
هَمٌّ بغَيرِ الهَوَى ، ولا شَغَلُ
تركتَ أيدي النوى تعودهمُ ،
وجِئتَني عن حَديثِهِم تَسَلُ
فقلتُ للركبِ : لا قرارَ لنا ،
من دونِ سلمى ، وإن أبَى العذَلُ
و لم نزلْ نخبطُ البلادَ بأخفا
فِ المطايا ، والظلُّ معتدلُ
كأنما طارَ تحتنا قزعٌ ،
على اكفٍ الرياحِ ينتقلُ
يفري بطونَ النقا النقيَّ ، كما
يَطعَنُ بَينَ الجَوانحِ الأسَلُ
حتى تَبَدّى في الفَجرِ ظَعنُهُمُ،
وسائقُ الصْبحِ بالدّجَى عَجِلُ
و فوقهنّ البدورُ يحجبها
هَوادِجٌ تحتَ رَقمِها الكُلَلُ
فلم يكن بَينَنا سوى اللّحظِ والدمـ
ـعِ كلامٌ لنا ، ولا رسلُ
هذا هذا ، فما لذي إحنٍ
يدسّ لي كَيدَهُ، ويَختَتِلُ
و غن حضرتُ النديَّ وكلَ بي
لحظاً بنَبيلِ الشّحناءِ يَنتَضِلُ
يا ويلهُ من وثوبِ مفترسٍ ،
رُبّ سكُونٍ من تحتِهِ عَمَلُ
استَبقِ حِلمي لا تُفنهِ سَرَفاً،
فبَعدَ حِلمي لأُمّكَ الثّكَلُ
وقد تَردّيتُ بابنِ صاعِقَة ٍ،
أخضَرَ ما في غِرارِهِ فَلَلُ
كم من عداة ٍ أبادهم غضبي ،
فلم أقُل: أينَ هم، وما فَعَلُوا