هاتيكَ دارُ المَلْكِ مُقفِرَة ٌ، - ابن المعتز

هاتيكَ دارُ المَلْكِ مُقفِرَة ٌ،
ما إنْ بها من أهلِها شَخصُ

عَهدي بها، والخيَلُ جائلَة ٌ
لا يستبينُ لشمسها قرصُ

و إذا علتْ صخراً حوافرها ،
غادرنهُ وكأنهُ دعصُ

والمُلكُ مَنشورُ الجنَاحِ، ولم
يهتك قوادمَ ريشهِ القصّ

ينشقّ منهُ الجمعُ عن قمرٍ ،
ما في تكاملِ حسنهِ نقصُ

أخَذَتْ يَداهُ المُلكَ مُمتَلِياً
حزماً ، وعودُ شبابهِ رخصُ

و معاشرٍ وجدوا مشيئتهم ،
و بما تحبُّ نفوسهم خصوا

طيبُ التّحيّة ِ حيثُ قُمتَ لهم،
فهمُ الألى حيوكَ ، واختصوا

فمضَ بذاكَ العيشِ آخرهُ ،
و الهمُّ مما سرّ مقتصّ

والدّهرُ يَخبِطُ أهلَهُ بيَدٍ،
في كلَّ جارحة ٍ لهُ قرصُ

أفَما تَرَى بلَداً أقَمتُ بهِ
أعلى مسَاكنِ أهلِهِ خُصّ

وولاتُهُ نَبَطٌ زَنادِقَة ٌ،
ملأى البُطونِ، وأهلُها خُمصُ

و لهم مسالخُ يسلخونَ بها ،
لا يَتّقي سَطواتِها الّلصّ

أسيافُها خشُبٌ مُعَلَّقَة ٌ،
مصنوعة ٌ ، وقرابها جصّ

و جنودهم تحمي رعيتهم ،
و لهم على أكبادهم رقصُ

غَلَبَتْ خِيانتُهُم أمانَتَهم،
وطَغَى على تَقواهمُ الحِرصُ

فتيانُهم في كلّ رابيَة ٍ،
و لهم بكلّ قرارة ٍ شخصُ

و أميرهمْ متقدمٌ بهمُ
نحوَ الحرامِ ، وسيرهُ نصّ

وإذا بَدا أُفدي الزّمانُ بِهِ،
وسَطَ الخَميسِ، كأنّهُ دُلصُ

و كأنّ خلّ الخمرِ يعصرُ من
وجَناتِه، أو يُجتَنَى العَفْصُ

فترى الأنامِ كهامة ٍ حلقتْ ،
تعدي مفارقها ... تخصّ

و يرونَ رخصَ السعرِ أغبطَ في الـ
ـبلوى ، وليسَ بدرهمٍ رخصُ