قتامة الحروف - صالح سعيد الهنيدي
سئمتُ من قَتامةِ الحروفِ
إذا ارتوتْ من مَنبعٍ سَخيفِ
إذا اسْتَحالتْ لهبًا وسَوطًا
يجلدُ كلَّ خافقٍ عفيفِ
سَئمتُ منهَا وجهُهَا قَبيحٌ
وكَالحٌ كَالبَدرِ في الكُسُوفِ
تَطيشُ كَالأَمواجِ في اضْطِرابٍ
وتَستفزُّ نخوةَ الشريفِ
تنامُ في مُستنقَعِ الرَّزايا
وإنْ صَحَتْ تَسكُنُ في الكُهُوفِ
تَلْسَعُ في الخَفَاءِ عنْ دَهاءٍ
وَفي الضُّحَى كَالحَمَلِ الأَليفِ
نهارُها تخنقُه ظَلامًا
وليلُها يزدادُ في الوُجوفِ
قَارِؤُهَا يَظَلُّ في وُجومٍ
كَحَيرَةِ البُلبلِ في الخَريفِ
الحرفُ نورٌ في دُجَى المعَاني
وَمِشعلٌ في أَحْلكِ الظُّرُوفِ
الحَرْفُ نَزْفٌ بَانَ مِنْ شُجُونٍ
وخَفقةُ الوَاحدِ لِلأُلُوفِ
كَالشَّمسِ لا تُنكرُهَا البرايَا
إذَا اخْتفَتْ عَنْ نَاظِرَِ الكَفِيفِ
إِذَا رَأتْ في دَربِها ظَلامًا
تَغسِلُه بِنُورِهَا الكَثيفِ
الحرفُ إنْ لم يَسْمُ بالمعَالي
ولم يُفِدْ منْ مبدأٍ شَريفِ
فَلَيسَ أَهلاً أنْ يَكُونَ سَطْرًا
أَو يَعتَلي نَصَاعَةَ الرُّفُوفِ