يا ساكن الأعماق - صالح سعيد الهنيدي

من أين أبدأ يا حبيب فؤادي
وقصيدتي مخنوقة الإنشاد

من أين أبدأ والمشاعر ألهبت
وتحرقت بحرارة الإيقاد

من أين أبدأ والحروف تزاحمت
لكنها تهفو إلى إجهادي

تعبت قواي أطارد الحرف الذي
يزجي خطاي إلى الرسول الهادي

يا ساكن الأعماق من أكبادنا
شرُفت بأُنسك أعمق الأكباد

ما زلتَ تزرع في ربى أرواحنا
شجر اليقين ونبتة الإسعاد

ما زلتَ تنتزع الظلام فتمحي
آثاره وتزيلُ وجه سواد

يا ساكن الأعماق فاضت عبرتي
أسفًا لفرقة أمة الأمجاد

كنًّا سيوفًا في الوغى ونشيدنا
" الله أكبر " من فم الآساد

ما بالنا ضعفت قوانا بعدما
كنَّا نزلزل ساحة الأوغاد ؟!

ما بال أقصانا يلوك جراحه
ويد الفساد تخوض في بغداد ؟!

ما بال أربابِ السخافة أيقظوا
فتنَ العَداء وموجةَ الإفساد ؟!

رسموك يا رمز الجمال مشوهًا
ومدادهم حبر من الأحقاد

رسموك واجترؤوا بعين طباعهم
وتناولوك بمنطق الحسَّاد

ما زلتَ تكبر في العيون مهابةً
والحاقدون تسفهم برماد

الكون أشرق مذ سكنتَ مشيمةً
وهفا الزمان لساعة الميلاد

وولدتَ أشرف مولد فتسامق الت
تاريخ يرسم لوحة الأمجاد

وتأهَّب الفجر الجديد يدكُّ ما
عبد الطغاة ببطن ذاك الوادي

ناديت فانطلق النداء مجلجلا
وأصاختِ الدنيا لخير منادِ

شكَّلتَ بالإسلام روح حذيفة
وبذرت نور الحق في المقداد

وسكنت بالخلق العظيم قلوبَ من
وقفوا لدرب هداك بالمرصادِ

أيضرُّ هامتك البهية حاقدٌ
يبغي تسلُّقَ قمة الأنجادِ

أتصُدُّ نورَ الشمسِ كفُّ مخادع
قصُرتْ فلم تظفَرْ بغير سوادِ ؟!

يا ساكن الأعماق وجه قصيدتي
خَجِلٌ يحاول أن يصوغ وُدادي

واعدتُ سيل مشاعري بخواطري
فأبت وما وفَّيتُ بالميعاد

عذرًا إذا عجز البيان وخانني
شعري وذاب من الجراح فؤادي

مهما أفضت من المشاعر فالذي
بين الجوانح زاد عن إنشادي

حبُّ الرسول أجلُّ من كلماتنا
والخطب أعظم من حروف مدادي