نهَى الجهلَ شيبُ الرّأسِ بعدَ نِزاعِ، - ابن المعتز

نهَى الجهلَ شيبُ الرّأسِ بعدَ نِزاعِ،
وما كلُّ ناهٍ ناصِحٍ بمُطاعِ

رأتْ أقحوانَ الشيبِ لاحَ وآذنتْ
ملاحاتُ أيامِ الصبا بوداعِ

فقالت : محاكَ الدهرُ في صبغة ِ الصبا ،
و كنتَ من الفتيانِ خيرَ متاعِ

شُرَيرَ، فإنّ الدّهرَ هَدّمَ قُوّتي،
ولم يُغنِ عَنّي حيلَتي، ودِفاعي

وشَيّبَني في كلّ يومٍ ولَيلَة ٍ،
تنظرُ داعي الحتفِ أولَ داعٍ

و إنّ الجديدينِ اللذينِ تضمنا
قِيادي بأحداثٍ إليّ سِراعِ

هما أنصَفاني قبلُ، إذ أنا ناشىء ٌ
وقد صارَعاني بَعدُ أيَّ صِراعِ

كناقضة ٍ أمرارها ، حينَ أحكمتْ
قوى حبلِ خرقاءِ اليدينِ ، صناعِ

و غيظاً على الأعداءِ لا يجرعونهُ ،
وكيلَ لهم منهُ بأوفَرِ صاعِ

وإخوانِ شرٍّ قد حرَثتُ إخاءَهم،
فكانوا لفرسِ الودّ شرَّ بقاعِ

قدحتُ زنادَ الوصلِ بيني وبينهم ،
فأذكيتُ ناراً ، غيرَ ذاتِ شعاعِ

ولمّا نأوا عَنّي بوُدّ نفوسِهِمْ،
غلَبتُ حَنِينِي نحوَهم، ونِزاعي

ومَكرُمَة ٍ عندَ السّماءِ مُنيفَة ٍ،
تنَاولَها منّي بأطولِ باعِ

و كم ملكٍ قاسى العقابَ ، ممنعٍ ،
قديرٍ على قبضِ النفوسِ مطاعِ

أراهُ، فيُعديني منَ المَكرِ ما بهِ،
فأكرمُ عنهُ شيمتي وطباعي

وإنّي لأستَوفي المَحامِدَ كلَّها،
و قد بقيتْ لي بعدهنّ مساعِ

و تصدقكَ الأنباءُ إن كنتَ سائلاً ،
وحَسبُكَ ممّا لا تَرَى ، بسَماع