بالله يا ربع لما ازددت تبيانا - البحتري
بِاللهِ يَا رَبْعُ لَمَّا ازْدَدْتَ تِبْيَانا
                                                                            وقُلْتُ في الحَيِّ لَمَّابَانَ لِمْ بَانَا
                                                                    لَيْلٌ بِذِي الطَّلْحِ لَمْ تَثْقُلْ أَوَاخِرُهُ
                                                                            أَهْوَى لِقَلْبِيَ مِنْ لَيْلٍ بُعُسْفَانَا
                                                                    أَكَانَ بِدْعاً من الأَيَّامِ لَوْ رَجَعَتْ
                                                                            عَيْشِي بِبُرْقَةِ أَحْوَاجٍ كَمَا كَانَا
                                                                    إِذْ لا هَوًى كَهَوَانا يُسْتَدامُ بهِ
                                                                            عَهْدُ السُّرُورِ ، ولا دُنْيَا كَدُنْيَانَا
                                                                    أُرَدُّ دُونَك يَقْظاناً ويأْذَنُ لي
                                                                            عَلَيْكِ سُكْرُ الكَرَى إِنْ جِئْتُ وَسْنَانَا
                                                                    كَأَنَّما اسْتَأْثَرَتْ بالوَصْلِ تَمْلِكُهُ
                                                                            أَو سَايَرَتْ حارِساً باللَّيْلِ يَغْشَانا
                                                                    يَذُوبُ أَطْوَعُنا في الحُبِّ مِنْ كَمَدٍ
                                                                            بَرْحٍ ، و يَسْلَمُ مِنْ بَلْوَاهُ أَعْصَانَا
                                                                    أَخَّرْتِ ظَالِمَةً حَقَّ المَشُوقِ ، وما
                                                                            عايَنْتِ مِنْ حُرَقِ الشَّوْقِ الَّذي عَانَى
                                                                    يَوَدُّ في أَهْلِ وَدَّانَ الدُّنُوَّ ، وهَلْ
                                                                            يُدْنِي هَوًى وُدُّهُ في أَهْلِ وَدَّانَا
                                                                    عَجْزٌ مِنَ الدَّهْرِلا يأَْتِي بِعَافَةٍ
                                                                            إِلاَّ تَلَبَّثَ دُونَ الأَتْيِ واسْتَانَىِ
                                                                    قد آنَ أَنْ يُوصَلَ الحَبْلُ الَّذي صَرَمُوا
                                                                            لو آنَ أَنْ يُفْعَلَ الشَّيْءُ الَّذِي حَانَا
                                                                    شَهْرَانِ لِلْوَعْدِ ، كَانَ القَوْلُ فِيْهِ غَداً
                                                                            ومَا أَلمَّتُ بنُجْحٍ أُخْتُ شَهْرَانَا
                                                                    شَعْبَانُ مُسْتَوْسِقٌ قُدَّامَهُ رَجَبٌ
                                                                            لم يَتَّفِقُ باجْتِمَاعِ الشَّمْلِ شَعْبَانَا
                                                                    مَهْمَا تَعَجَّبْتَ مِنْ شَيْءٍ فَلَسْتَ تَرَى
                                                                            شَرْوَى اللَّيَالِي إِذَا أَكْدَتْ وشَرْوَانَا
                                                                    والرِّزْقُ لي دُونَ مَنْ قد باتَ وَهْوَ لهُ
                                                                            لَوْ أَنَّ أَزْكَاهُ مَقْسُومٌ لأََِذْكَانَا
                                                                    وَلَيْسَ أَنْضَرَ ما اسْتَعْرَضْتَهُ وَرَقاً
                                                                            بِأَصْلَبِ الشَّجَرِ الْمَعْجُومِ عِيدَانَا
                                                                    وَجَدْتُ أَكْثَرَ مَنْ يُخْشَى السَّوَادُ لَهُ
                                                                            أَقَلَّهُمْ فِي رِبَاعِ المَجْدِ بُنْيَانَا
                                                                    أَكانَ خَطْرَفَةً عَمْداً صُدُودُهُمُ
                                                                            عَنِ المَكَارِمِ أَو وهْماً ونسْيَانَا
                                                                    أَبَعْدَ ما أَعْلَقَ الأَقْوَامُ مِيْسَمَهُمْ
                                                                            بِصَفْحَتِي ، وقَتَلْتُ الأَرْضَ عِرْفانَا
                                                                    يَرْجُو البَخِيلُ اغْتِرَارِي أَو مُخَادَعَتي
                                                                            حَتَّى أَسُوقَ إِلَيْهِ المَدْحَ مَجَّانَا ؟
                                                                    لأَكْسُوَنَّ بَنِي الفَيَّاضِ مِنْ مِدَحِي
                                                                            ما باتَ مِنْهُ لَئِيمُ النَّاسِ عُرْيانا
                                                                    تَسْمُو إِلى حِلَلِ العَلْياءِ أَنْفُسُهُمْ
                                                                            كَأَنَّ أَنْفُسَهُمْ يَطْلُبْنَ أَوْطَانَا
                                                                    لمِ يَنْكِلُوا عَنْ فِعَالِ الخَيْرِ أَجْمَعَهُ
                                                                            إِنْ لَمْ يُصِيبُوا عَلَى الخَيْرَاتِ أَعْوَانا
                                                                    إِنْ أُرْبِحَتْ فِي ابْتِغَاءِ المَجْدِ صَفْقَتُهُمْ
                                                                            لم يَحْسِبُوا غَبَنَاتِ المَجْدِ خُسْرَانَا
                                                                    مُشَيَّعُونَ عَلَى الأَعْدَاءِ لم يَهِنٌوا
                                                                            عن حَلْبَةِ الشَّرِّ ىأَنْ يَلْقَوْهُ وُحْدَانَا
                                                                    ما يَبْرَحُ الشِّعْرُ يَلْقَى مِن أَبِي حَسَنٍ
                                                                            خَلاَئِقاً شَغَلَتْ قُطْرَيْهِ إِحْسَانَا
                                                                    تَتَبَّعَ الشَّمْسَ يَسْتَقْري تَصَوُّبَها
                                                                            حَتَّى قَضَى الْغَرْبَ تَوْهِيناً وإِثْخَانَا
                                                                    لَوْلا تَأَتِّيهِ لِلدُّنْيَا ونَبْوتِهَا
                                                                            مَا لاَنَ مِنْ جانِبِ العَيْشِ الَّذي لاَنَا
                                                                    قَدْ كاثَرَتْ نُوَبَ الأَيَّامِ أَنْعُمُهُ
                                                                            حَتَّى أَبْذَّتْ صُرُوفَ الدَّهْرِ أَقْرَانَا
                                                                    وَاقِعْ بِهِ الغَمْرَةَ المَغْرُورَ خائِضُها
                                                                            ولا تُكَلِّفْهُ فيها حَيْنَ مَنْ حَانَا
                                                                    قَارضْهُ ما شِئْتَ يُثْمِنْكَ الوَفَاءَ بهِ ،
                                                                            واحْذَرْهُ يَنْشُدُ أَوْتَاراً وأَضْغَانَا
                                                                    فَظُّ الخِلاَلِ ، عَسِيرُ الأَخْذِ ، أَشْامُهُ
                                                                            إِذا تَنَمَّرَ دُونَ العَفْوِ غَضْبَانَا
                                                                    رعَى الأَمَانَةَ للسُّلْطَانِ يُوضِحُها
                                                                            حَتَّى تَبَيَّنَ عَنْهَا خَوْنُ من خَانَا
                                                                    وما يَزَالُ غَرِيبٌ مِنْ كِفَايَتِهِ
                                                                            فَذٌّ يَعُودُ عَلَى العُمَّالِ مِيزَانَا
                                                                    لِلشَّيْءِ وَقْتٌ وإِبَّانٌ ، ولَسْتَ تَنِيٍ
                                                                            تَلْقَى لمَعْرُوفِهِ وَقْتاً وإِبَّانَا
                                                                    إِذا جَعَلْنَا سَنَا إِشْرَاقِهِ عَلَماً
                                                                            إِلى مَصَابِ نَدَى كَفَّيْهِ أَدَّانَا
                                                                    إِذا أَتَيْنَاهُ والأََنْبَارُ عُمْدَتُنا
                                                                            جِئْنَاهُ رَجْلاً ، وأُبْنَا عَنْهُ رُكْبَانَا
                                                                    ما أَقْشَعَتْ سَمَوَاتٌ مِنْ نَوَافِلِهِ
                                                                            إِلاَّ وأَسْخَطُنَا للدَّهْرِ أَرْضَانَا
                                                                    عَوَائِدٌ وبَوَادٍ مِن مَوَاهِبِهِ
                                                                            يَرُوحُ أَبْعَدُنا مِنْهَا كأَدْنَانَا