عذيري من واش بها لم أواله - البحتري
عَذِيريَ منْ وَاشٍ بهَا لَمْ أُوَالهِ
                                                                            عَلَيها، وَلَمْ أُخْطِرْ قِلاَها ببَالِهِ
                                                                    وَمنْ كَمَدٍ أسْرَرْتُهُ، فأذاعَهُ
                                                                            تَرَادُفُ دَمْعٍ مُسْهِبٍ في انْهمَالِهِ
                                                                    جَوًى مُستَطِيرٌ في ضُلُوعٍ، إذا انحنتْ
                                                                            عَلَيْهِ، تَجَافَتْ عَنْ حَرِيقِ اشتعالهِ
                                                                    تَحَمّلَ أُلاّفُ الخَلِيطِ، وَأسرَعَتْ
                                                                            حَزَائقُهُمْ مِنْ عَالِجٍ وَرِمَالِهِ
                                                                    وَقد بانَ فيهمْ غُصْنُ بانٍ، إذا بَدَا
                                                                            ثَوَى مُخبرٌ عن شَكْْلِهِ، أوْ مثالهِ
                                                                    يَسُوءُكَ إلاّ عَطْْفَ عندَ انعطافِهِ،
                                                                            وَيُشجيكَ إلاّ عَدْلَ عندَ اعتدالهِ
                                                                    فَمَا حيلَةُ المُشتاقِ فيمَنْ يَشُوقُهُ،
                                                                            إذا حَالَ هذا الهَجرُ دونَ احتِيَالِهِ
                                                                    حَبيبٌ نَأى، إلا تَعَرُّضُ ذَكرَةٍ
                                                                            لَهُ، أو مُلمَّا طِائفاً من خَيَالِهِ
                                                                    أأُمْنَعُ في هِجْرَانِهِ منْ صَبَابَةٍ،
                                                                            وَقد كنتُ صَبّاً مُغرَماً في وِصَالِهِ
                                                                    وَيأمُرُني بالصّبْرِ مَنْ لَيْسَ وَجْدُهُ
                                                                            كَوَجْدي، وَلا إعلانُ حالي كحالهِ
                                                                    فإنْ أفْقُدِ العَيشَ الذي فَاتَ باللّوَى،
                                                                            فَقِدْماً فَقَدْتُ الظّلّ عندَ انتقالِهِ
                                                                    تَرَكْتُ مُلاَحَاةَ اللَّئِيمِ وإِنَّما
                                                                            نَصِيبي في جَاه ِالكَرِيمِ ومالِهِ
                                                                    وَلَمْ أرْضَ في رَنْقِ الصَّرَى ليَ مَوْرِداً،
                                                                            فَحاوَلْتُ وِرْدَ النِّيلِ عندَ احتفالهِ
                                                                    حَلَفْتُ بما يَتْلُو المُصَلّونَ في منَى،
                                                                            وَما اعتَقَدُوهُ للنّبيّ، وَآلهِ
                                                                    لَيَعْتَسِفَنّ العِيسَ، وَهْمٌ مُشَيَّعٌ،
                                                                            عَنُوفٌ بها في حَلّهِ، وَارتحالهِ
                                                                    إِلى ابْنِ نَهِيكٍ إِنَّهُ انْتَسَبَ النَّدَى
                                                                            إِلى عَمِّهِ،عَمَّ الكِرامِ ،وَخَالِهِ
                                                                    إلى فارِغٍ منْ كلّ شأْنٍ يَشينُهُ،
                                                                            وإنْ يَشتَغلْ فالمَجدُ عِظْمُ اشتغالهِ
                                                                    عَليُّ بنُ يحيَى، إنّهُ انتَسَبَ النّدَى
                                                                            إلى عَمّهِ، عَمِّ الكرَامِ، وَخالِهِ
                                                                    غَرِيبُ السّجايا ما تَزَالُ عُقُولُنَا
                                                                            مُدَلَّهةً في خَلةٍ منْ خِلالِه
                                                                    إذا مَعشَرٌ صَانُوا التِّلادَ تَعَسّفَتْ
                                                                            بهِ همّةٌ مَجْنُونَةٌ في ابتذالهِ
                                                                    أقَامَ بهِ، في مُنْتَهَى كلّ سُؤدَدٍ،
                                                                            فَعَالٌ، أقَامَ النّاسُ دونَ امتثالهِ
                                                                    فإنْ قَصَّرَتْ أكْفَاؤهُ عَنْ مَحَلّهِ،
                                                                            فإنّ يَمينَ المَرْءِ فَوْقَ شِمَالِهِ
                                                                    عَنَاهُ الحِجَى في عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ،
                                                                            فأقْبَلَ كَهْلاً قَبلَ حينِ اكْتهالِهِ
                                                                    كأنّ الجبَالَ الرّاسياتِ تَعَلّمَتْ
                                                                            رَواجِحُهَا منْ حلمِهِ وجَلاَلِهِ
                                                                    وَثقْتُ بنُعْمَاهُ، وَلمْ تَجتَمعْ بها
                                                                            يَدي، وَرأيتُ النُّجحَ قَبلَ سُؤالِهِ
                                                                    وَتَعْلَمُ أنّ السّيْفَ يَكفيكَ حَدَُّهُ
                                                                            مُكَاثَرَةَ الإقْرَانِ، قَبلَ استلالهِ
                                                                    أبَا حَسَنٍ أنْشأتَ في أُفُقِ النّدَى
                                                                            لَنَا كَرَماً، آمَالُنا في ظلالِهِ
                                                                    مَضَى منْكَ وَسْميٌّ، فجُدْ بوَليّهِ،
                                                                            وَعَوّدْتَ منْ نُعماكَ فَضْلاً فَوَالهِ
                                                                    وإنّ خَرَاجي للخَفيفُ، وَلَوْ غَدا
                                                                            ثَقيلاً لَما استَحسنتُ غيرَ احتمالهِ