عست دمن بالأبرقين خوال - البحتري
عَسَتْ دِمَنٌ بِالأَبْرَقَيْنِ خَوَالِ
                                                                            تَرْدُّ سَلاَمِي أَوْ تُجِيبُ سُؤَالي
                                                                    إِذا مَا تَأَيَّا الرَّكْبُ فِيهَا تَبَيَّنُوا
                                                                            ضَمَانَةَ مَتْبُولٍ وَصِحَّةَ سَالِ
                                                                    خَلِيليَّ ،مَا لِلرَّامِسَاتِ وما لَها
                                                                            ومَا لِلشَّحُونِ المُبْرِحَاتِ ومَا لي
                                                                    صَبَا بَعْدَ مَا خَلَّى لِدَاتِي عَنِ الصِّبا
                                                                            ونَفَّر وَحْشَ البِيضِ شَيْبُ قَذَالِي
                                                                    وَتَرْتُ الهَوى إِلاَّ لَجَاجَ مُعَذِّلٍ
                                                                            ومُعْطِي الهَوَى إِلاَّ طُرُوقَ خَيَالِ
                                                                    وَإِنّي وذَاتَ الخالِ فِي حَالِ مُغْرَمٍ
                                                                            يَزِيدُ غَرَاماً مِنْ جَوَانِحِ خَالِ
                                                                    وَلوْ ثَابَ لي رأَيٌ لَكانَتْ صَريمَةٌ
                                                                            أُوَامِقُ مُخْتَاراً بِهَا وأُقَالِي
                                                                    أَبَتْ أَن تُبَقِّي رَغْبةً عِتْدَ صَاحِبي
                                                                            لَيالٍ يُريني الدَّهْرُ بَعْدَ لَيَالِ
                                                                    وَذِي مَلَّةٍ أَوشَكْتُ عَنْهُ تَرحُّلِي
                                                                            فَلَمْ يُحْذِهِ الدَّهْرُ الطَّوِيلُ مِثَالِي
                                                                    وَأَكْثَرُ فِتْيَانِ الزَّمانِ أرَاذِلٌ
                                                                            مَوَازِينُهُمْ في السَّرْوِ غَيْرُ ثِقَالِ
                                                                    إِذا كُلِّفُوا لِلْمجْدِ حَسْوَةَ طَائِرٍ
                                                                            أَطَالُوا الوَنى مِنْ سَأْمَةٍ وكَلاَلِ
                                                                    ومَا آفتيِ فِي خَلَّتي وبدُوِّها
                                                                            سِوى خُلَلِ لَمْ تُعْطَ فَضُلَ خِلاَلِ
                                                                    تَوَاكَلنِي الإِخْوانُ حَتَّى تَضَعْضَعَتْ
                                                                            قُوايَ وخَافَ المُشْفِقُون وِكالي
                                                                    ومَا زَالَ خَذْلُ الدَّهْرِ حتَّى تَوَقَّعَتْ
                                                                            يَمِيني غَدَاةَ النَّصْرِ خَذْلَ شِمالي
                                                                    عَلَى أَنَّ لي سُلْطانَ رُغْبٍ ورَهْبَةٍ
                                                                            أَصُولُ بهِ في العِزِّ كُلَّ مَصَالِ
                                                                    وأَغْفَلَ صَرْفُ الدَّهْرِ عِنْدِي سَوَائِراً
                                                                            لِوَضْعِ مُعَادٍ أَو لِرَفْعِ مُوالِ
                                                                    يُغالي بهَا ذُو الطَّوْلِ وَهي رَخِيصةٌ،
                                                                            ويُرخِصُها ذُو النَّقْصِ وَهْيَ غَوالِ
                                                                    مَتَى أَعْتَصِمْ فِي آلِ مُرٍّ أَجِدْهُمُ
                                                                            حُصُوني كَفَتْ كَيْدَ العِدى وجِبَالي
                                                                    وَقَفْنَا النُّفُوسَ مَنْ رَجاءِ ابنِ مُسْلِمٍ
                                                                            عَلَى الدِّيمَتَيْنِ مِنْ جَداً ونَوالِ
                                                                    فَتَى العَربِ المُغْرى بِتثْبيتِ عِزِّها
                                                                            وقَدْ أَذِنَتْ أَركَانُهُ بِزوالِ
                                                                    لَهُ جَوْهَرٌ في الجُودِ يُبْدِيهِ بِشْرُهُ
                                                                            كَذا السَّيفُ يبدُو أَثْرُهُ بِصقَال
                                                                    قَريبُ المَدَى حَتَّى يكُونَ إِلى النَّدى،
                                                                            عَدُوُّ البُنَى حَتَّى تكُونَ مَعَالي
                                                                    ومَا تَرَكَ استِحْقاقُهُ دُونَ حَظّهِ
                                                                            وإِنْ نالَ أَعْلى مُرتَقًى ومَنَالِ
                                                                    مِنْ القَومِ مرْجُوٌّ لِما الغَيْثُ دُونَهُ،
                                                                            وفي القَوْمِ مَنْ لا يُرْتَجَى لِبِلالِ
                                                                    اَشَدُّهُمُ لِلحَرْبِ إِتقانَ عُدَّةٍ،
                                                                            وأَثْقَبُهُمْ فِيها اشْتِغالَ ذُبالِ
                                                                    كَرَادِيسُ خَيْلٍ بَعْدَ خَيْلٍ تَؤُمُّها
                                                                            عَوالٍ تَسُومُ الطَّعْنَ بَعْدَ عَوَالِ
                                                                    قَطَعْنَ عَلَى النَّهْرينِ كُلَّ قَرينَةٍ،
                                                                            وجُلْنَ على النَّهْريْنِ كُلَّ مَجَالِ
                                                                    ونَقَّبنَ عَنْ جَنْبَيْ هَرَاةَ تَحَرِّياً
                                                                            لِقَتْلٍ على أَبْوَابِها وقِتَالِ
                                                                    وعجَّلْنَ قَتْلَ النَّازِكِيِّ بِضَرْبَةِ
                                                                            أَرَتْهُ المَنَايا وهْيَ جِدُّ عِجَالِ
                                                                    وأَبْدَى الخُجُسْتَانيُّ أَمْراً تَكَشَّفَتْ
                                                                            عَواقِبُهُ عَنْ عِبْرَةٍ ونَكَالِ
                                                                    فُتُوحٌ عَلَى السُّلْطَانِ لَمْ تُبْقِ مُبْتَغىً
                                                                            لِشَرِّ ،وَلاَ مُسْتَنْهِضاً لِضَلاَلِ
                                                                    لَقِينَاكَ يَوْمَ البَأْسِ رِئْبَالَ غَابةٍ
                                                                            وشِمْنَاكَ يَوْم الجُودِ بَارِقَ خَالِ
                                                                    كَفَاك بَشِيرٌ ما كَفَاك ،وقَدْ تَرَى
                                                                            مكان أَدَانِي أُسْرةٍ ومَوَالِ
                                                                    يَغُضّون عَنْهُ السَّعْيَ لا يَبْلُغُونَهُ
                                                                            بِقَوْلٍ إِذا أَجْرَوْا وَلا بِفعالِ
                                                                    رِضَاكَ مِنْ اسْتِعْلاَء رَأْيٍ وحُجَّةٍ
                                                                            وإِخْلاَصِ نُصْحٍ دُونَ غَيْرِكَ غالِ
                                                                    يَرَى خَيْرَ حَظَّيْهِ الَّذي بَانَ عائِداً
                                                                            عَلَيْكَ بهِ مِنْ زِينَةٍ وجَمالِ
                                                                    فَإِنْ تتَقدَّمْ مِنْكَ فيهِ عُقُوبَةٌ
                                                                            فإِنَّكَ قَدْ أَعْقَبْتَها بِنَوالِ
                                                                    وشرَّفْتَهُ حتَّى عَلاَ النَّجْمَ قَدْرُهُ
                                                                            بأَوْسَعِ جاهٍ يُستَعَارُ وَمالِ
                                                                    أَبا طَاَحةَ اسْتَعْلتْ يَداكَ ولَمْ تَزَلْ
                                                                            تُعانُ بِحَدٍّ في حُروبِك عَالِ
                                                                    فَمَا اخْتَاركَ السُّلْطانُ إِلاَّ اسْتِنامةً
                                                                            إِلى رَجُلِ يُغْنِي غَنَاءَ رِجالِ
                                                                    وَوَلاَّكَ عَنْ عِلْمٍ بِأَنَّكَ دُونًهُمْ
                                                                            وَليٌّ لِتِلْكَ المَكْرُماتِ وَوَالِ
                                                                    غَدَاةَ تَوَرَّدْتَ العَلاَءَ فَمَا عَلاَ
                                                                            بِجَدٍّ عَلَى ذَاكَ التَّوَرُّدِ عالِ
                                                                    وَقَدْ حَشَدتْ حَوْْل المَراغَةِ مُدَّةً
                                                                            لِقَتْل عَلَى أَبْوَابِها وقِتَالِ
                                                                    وَمَا تَرَكَتْ في أَرْدَبِيلَ لُبَانَةً
                                                                            لِطُلاَّبِ ذَحْلٍ في الدِّمَاءِ نِهَالِ
                                                                    ويُبْهِجُني أَلاَّ تُخِلَّ بِثَرْوَةٍ
                                                                            ومَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّ مَالَكَ مَالِي