هلا سألت بجو ثهمد - البحتري
هَلاّ سألتَ، بجَوّ ثَهْمَدْ،
                                                                            طَلَلاً لِمَيّةَ قَدْ تَأبّدَا
                                                                    دَرَسَتْ عِهَادُ الغَيْثِ مِنْـ
                                                                            ـهُ، فحالَ عمّا كنتَ تَعهَدْ
                                                                    وَلقَدْ يُساعَفُ ذا الهَوَى
                                                                            بأوَانِسٍ كالوَحشِ، خُرَّدْ
                                                                    يُلْقينَ أشْجَانَ الصّبَا
                                                                            بةِ في قلوبِ ذوي التّجَلّدْ
                                                                    مِنْ كُلّ أهْيفَ مُرْهَفٍ،
                                                                            أوْ أجْيَدِ اللَّبَتَينِ أغْيدْ
                                                                    غُصْنٌ يَشُفّكَ إنْ تَعَطّـ
                                                                            ـفَ للتّثَنّي، أوْ تَأوّدْ
                                                                    بتَصَرّفِ الطَّرْفِ العَلِيـ
                                                                            ـلِ وَحُمرَةِ الخَدّ المُوَرَّدْ
                                                                    قَدْ قُلْتُ للرّكْبِ العُفَا
                                                                            ةِ يَجورُ هاديهِمْ، وَيَقصِدْ
                                                                    مَا للمَحَامِدِ مُبْتَغٍ،
                                                                            إلاّ الأغَرُّ أبُو مُحَمْدْ
                                                                    وإذا المَحاسِنُ أعرَضَتْ،
                                                                            فنِظامُها الحسنُ بنُ مَخلَدْ
                                                                    ما شِئتَ مِنْ طَوْلٍ وَإحْسا
                                                                            نٍ وَمِنْ كَرَمٍ وَسُؤدَدْ
                                                                    ذاكَ المُرَجّى وَالمُؤمَّلُ
                                                                            وَالمُبَجَّلُ وَالمُحَسَّدْ
                                                                    وَأخو التّكَرْمِ والتّفَضّلِ
                                                                            وَالتّحَلّمِ وَالتحمّدْ
                                                                    مَنْ لا يُعَاتَبُ في الوَفَا
                                                                            ءِ، ولا يلاَمّ، وعلا يُفَنَّدْ
                                                                    نَصَحَ الخَلائِفَ جَامِعاً
                                                                            لقَرَائَنِ الشّمْلِ المُبَدَّدْ
                                                                    وَأقَامَ مِنْ صَعَرِ الأُمُو
                                                                            رِ وَقدْ أبَتْ إلاّ التّأوّدْ
                                                                    بأصَالَةِ الرّأيِ الزّنيـ
                                                                            ـقِ، وَصِحّةِ العَزْمِ المُجرَّدْ
                                                                    فلِكُلّ أمْرٍ حَادِثٍ
                                                                            ضَرْبٌ مِنَ التّدبيرِ أوْحَدْ
                                                                    لا يُعْمِلُ القَوْلَ المُكَرَّرَ
                                                                            فيهِ وَالرأيَ المُرَدَّدْ
                                                                    ظَنٌّ يُصِيبُ بهِ الغُيُوبَ
                                                                            إذا تَوَخّى، أوْ تَعَمّدْ
                                                                    مِثْلُ الحُسامِ، إذا تَألّقَ،
                                                                            وَالشّهابِ، إذا تَوَقّدْ
                                                                    وَليَ السّيَاسَةَ وَاسِطاً
                                                                            بَينَ التّسَهّلِ وَالتّشَدّدْ
                                                                    كالسّيفِ يَقطَعُ وَهْوَ مَسْـ
                                                                            ـلُولٌ، وَيُرْهِبُ وَهوَ مُغمَدْ
                                                                    تَمَّتْ لَكَ النُّعْمَى وَدَا
                                                                            مَ لكَ التَّعَلّي والتَّزَيُّدْ
                                                                    فَلأنْتَ أصْدَقُ مِنْ شَآ
                                                                            بيبِ الغَمامِ نَدًى، وَأجوَدْ
                                                                    تَعقيدُ أحْمَدَ ضَرّني،
                                                                            وَإذا أمْرتَ أطاعَ أحمَدْ
                                                                    لا أُحْرَمَنْ تَعجيلَ مَا
                                                                            قَدّمتَ من رأيٍ، ومَوْعِدْ