لئن ثنى الدهر من سهمي فلم يصل - البحتري
لَئن ثَنَى الدّهرُ من سَهمي فلَمْ يَصِلِ،
                                                                            وَرَدّ مِنْ يَديَ الطّولى، فلَمَ تَنَلِ
                                                                    لَقَدْ حَمِدْتُ صُرُوفاً مِنهُ عَرّفني
                                                                            مَذْمُومُها عُصْباً مِمّنْ عَليّ وُلي
                                                                    بَني المُدَبِّرِ ما استَبطأتُ سَعْيَكُمُ،
                                                                            ولا أرَدتُ بكُمْ في النّاسِ مِنْ بدلِ
                                                                    أيّامُكُمْ هيَ أيّامي، التي عَدَلَتْ
                                                                            مَيلي، وَدَوْلَتكُمْ حَظّي من الدّوَلِ
                                                                    أقَمْتُ مِنْ سَيْبِكُمْ في يانعٍ خَضِِرٍ،
                                                                            وَسِرْتُ من جاهِكُمْ في وابِلٍ خَضِلِ
                                                                    تَنَكّرَ النّاسُ للنّاسِ الأَلَى عَرَفُوا،
                                                                            وتلكَ حالُ أبي إسحاقَ لمْ تَحُلِ
                                                                    إنْ زَادَهُ الله قَدْراً زَادَنَا حَسَناً
                                                                            مِنْ رأيِهِ، فكأنّ الأمْرَ لمْ يَزَلِ
                                                                    نَعُودُ منكَ على نَهْجٍ بَدأتَ بهِ،
                                                                            فَنَحْنُ نَخْبِطُ في أخلاقِكَ الأُوَلِ
                                                                    أأتْرُكُ السّهلَ مِنْ جَدوَاكَ أتبَعُهُ،
                                                                            وأطلُبُ النّائِلَ الأقصَى إلى الجَبَلِ
                                                                    نَعَمْ وجدتُ المُخَلّى ليسَ يَُحمدُ من
                                                                            مَرْعَاهُ ما يَحْمدُ المَحْظُورُ في الطِّوَلِ
                                                                    أقصِرْ برَأييَ إنْ شَرّقَتُ عَنكَ غَداً،
                                                                            وَمَرّ بَعدَكَ لي لَيْلٌ، فلَمْ يَطُلِ
                                                                    ولَوْ مَلَكْتُ زَمَاعاً ظَلَّ يَجْذِبُنِي
                                                                            قَوْداً لَكَانَ نَدَى كَفَّيْكَ مِن عُقُلِي
                                                                    ما بَعدَ جُودِكَ، لَوْلا ما يُجَاوِرُهُ،
                                                                            بسُرّ من رَاءَ، من جَهلٍ وَمن بُخُلِ
                                                                    فَكَيْفَ أنْظُرُ مُختاراً إلى بَلَدٍ،
                                                                            يَكُونُ يَأسِيَ أعْلَى فيهِ مِنْ أمَلي
                                                                    جاءَ الوَليُّ، فَبَلّ الأرْضَ رَيّقُهُ،
                                                                            وَغُلّتي مِنْهُ ما أفضَتْ إلى بَلَلِ
                                                                    وَقَدْ سألتُ، فَما أُعطيتُ مَرْغَبَةً،
                                                                            وَكَانَ حَقّيَ أنْ أُعْطَى، وَلَمْ أسَلِ
                                                                    أرْمي بظَنّي، فلا أعدو الخَطَاءَ بهِ،
                                                                            إِعجَبْ لأخطاءِ رَامٍ مِنْ بني ثُعَلِ
                                                                    أسِيرُ إذْ كُنْتُ في طُولِ المُقامِ بها
                                                                            أُكْدِي لَعَلّيَ أُجْدَى عندَ مُرْتَحَلي
                                                                    وَرُبّما حُرِمَ الغَازُونَ غُنْمَهُمُ
                                                                            في الغزْوِ ثمّ أصَابُوا الغُنمَ في القَفَلِ
                                                                    شَرّقْ وَغَرّبْ فعَهدُ العاهدينَ بمَا
                                                                            طالَبَتَ في ذَمَلانِ الأيْنُقِ الذُّمُلِ
                                                                    وَلاَ تَقُلْ أُمَمٌ شَتّى، ولا شِقَقٌ،
                                                                            فالأرْضُ من تُرْبَةٍ والنّاسُ من رَجُلِ