عند ظباء الرمل أو عينه - البحتري
عِنْدَ ظِبَاءِ الرَّمْلِ أَوْ عِينِهِ
                                                                            قَلْبُ مَشُوقِ القَلْبِ مَحْزُونِهِ
                                                                    يُهَوِّنُ الهَجْرَ خَلِيٌّ ولَوْ
                                                                            يَعْشَقُ مَا قَالَ بِتَهْوِينِهِ
                                                                    والشَّوْقُ مَصْرُوفٌ إِلى شادِنٍ
                                                                            مُخْتَلِفٍ بَحْرُ أَفَانِينِهِ
                                                                    لَوَّنَ مِنْ أَخْلاَقِهِ ، والهَوَى
                                                                            فِيهِ عَلَى كَثْرَةِ تَلْوينِهِ
                                                                    حَسَّنَهُ بَارِيهِ إِذْ صَاغَهُ
                                                                            مِنْ فِتْنَةٍ أَعْجَبَ تَحْسِينِهِ
                                                                    إِنْ تَتَعَجَّبْ فَلأَبْكَارِ ما
                                                                            يَأْتِي بهِ دَهْرُكَ أَو عُونِهِ
                                                                    يَسْتَنْزِلُ المَرْءَ عَلَى هَوْنِهِ
                                                                            عَنْ حُكْمِهِ فِيهِ عَلَى هُونِهِ
                                                                    أَبُو عَلِيٍّ خَيْرُ مَنْ يُرْتَجَى
                                                                            في شِدَّةِ الدَّهْرِ وفِي لِينِهِ
                                                                    تَاجِرَ مَدْحٍ يَصْطَفِيهِ علَى
                                                                            تَقْويمِهِ الحَمْدَ وتَثْمِينِهِ
                                                                    يُقَصِّرُ الْقَوْمُ وَهُمْ عُصْبَةٌ
                                                                            عَن حَزْرِ مَا يُولِي وتَخْمِينِهِ
                                                                    وما وَصِيفٌ يَوْمَ وَصْفي لَهُ
                                                                            بخامِلِ الذِّكْرِ ولا دُونِهِ
                                                                    يَعْتَمِدُ السُّلْطَانُ مِنْهُ عَلَى
                                                                            مُبَارَكِ الطَّائرِ مَيْمُونِهِ
                                                                    مُظَفَّرِ في الحَرْبِ ، مَا سِرُّها
                                                                            بِظَاهِرٍ عَنْ حَظْرِ تَحْصٍينِهِ
                                                                    عَهْدٌ مِنَ السَّيْفِ عَلَى خَدِّهِ
                                                                            مُجَاوِرٌ مَارِنَ عِرْنِينِهِ
                                                                    إِنْ شَانَ قَوْماً ضَرْبُ أَقْفَائِهِمْ
                                                                            شَرَّفَهُ الضَّرْبُ بِتَزْيينِهِ
                                                                    نَسْتَمْتِعُ اللهَ بأَيَّامِهِ
                                                                            وعِزِّهِ فِينَا وتَمكِينِهِ
                                                                    وَلْيَفْدِهِ مِنْ كُلِّ مَا يُخْتَشَى
                                                                            كُلُّ مَصُونِ الْمَالِ مَخْزُونِهِ
                                                                    تُرَاكَ مُعْدِيَّ عَلَى ظَالِمٍ
                                                                            ضَعِيفِ عَقْدِ الرَّأْيِ مَاْفُونِهِ ؟
                                                                    لم تَدَعِ الأُبْنَةُ في عِرْضِهِ
                                                                            بِقِيَّةً تُرْجَى ولا دِينِهِ
                                                                    مَا انْزَجَرَ الصِّبْيانُ عن نَيْكهِ
                                                                            لِلطُّولِ مِن ظَاهِرِ عُثْنُونِهِ
                                                                    فَضَائِحٌ إنْ يَلْتَمِسْ غَسْلَهَا
                                                                            لا يَنْقَ مِنْهَا غِشُّ صَابُونُهُ