عدمت النغيل فما أدمره - البحتري

عَدِمْتُ النّغِيلَ، فمَا أدْمَرَهْ،
وَأوْلى الصّديقَ بأنْ يَهْجُرَهْ

إذا قُلْتَ قَدّمَهُ كِيسُهُ،
عَنَاهُ من النّقْصِ ما أخّرَهْ

دَعَانَا إلى مجْلِسٍ فَاحِشٍ،
قَبِيحٌ بِذي اللُّبِّ أن يحْضُرَهْ

فَجَاء نَبِيذٌ لَهُ حامِضٌ،
يَشُقُّ على الكبِدِ المُقْفِرَهْ

إذا صُبّ مُسْوَدُّهُ في الزّجَا
جِ، فكأسُ النديمِ بهِ مَحبَرَهْ

تَرَكْتَ مُشَمَّسَ قُطْرَبُّلٍ،
وَجَرّعْتَنَا دَقَلَ الدَّسْكَرَهْ

وَمَا لي أطَعْتُكَ في شُرْبِهِ،
كأنْ لمْ أُخَبَّرْهُ، أوْ لمْ أرَهْ

وَمَا لي شَرهْتُ إلى مثْله،
وَمَا كُنت أعْرفُني بالشّرَهْ

وَما يَعْتَرِيني الّذي يَعْتَرِيـك
بحَقّ السّوَادِ منَ الأبْخِرَهْ

فلأيا عَزَمْتُ على الإنْصِرَا
فِ، وقدْ أوْجبَ الوَقتُ أنْ نَحذَرَهْ

فقُمْنَا على عَجَلٍ والنّجُو
مُ مُولِيَةٌ قَدْ هَوَتْ مُدْبِرَهْ

وكانَ الجَوَازُ على عِلّةٍ،
فَكِدْنَا نُبَيَّتُ في المِقْطَرَهْ

وَلمّا انْصَرَفْتُ أطَلّ الخُمَا
رُ بِحَدّ سَماديرِهِ المُسْهِرَهْ

فَلا تَسْألَنّي عَنْ حَالَةٍ،
بُليتُ بِها، صَعْبَةٍ، مُنْكَرَهْ

وَلَيْلَةِ سُوءٍ أُمِرّتْ عَليّ
كَلَيْلَةِ شَيْخِكَ في القَوْصَرَهْ