لها الله عني ضامن وكفيل - البحتري
لَهَا الله عَنّي ضَامِنٌ وَكَفِيلُ،
                                                                            يُتَابَعُ فيها، أوْ يُطاعُ عَذُولُ
                                                                    أبِيتُ بأعْلَى الحَزْنِ، والرّمْلُ عندَهُ
                                                                            مَغَانٍ لَهَا مَعْْفُوّةٌ وَطُلُولُ
                                                                    وَقَد كُنتُ أهوَى الرّيحَ غَرْباً مآبُها،
                                                                            فقَد صِرْتُ أهوَى الرّيحَ وَهيَ قَبُولُ
                                                                    وَمَا زَالَتِ الأحلاَمُ، حتّى التَقَى لَنا
                                                                            خَيالانِ: بَاغِي نائِلٍ وَمُنِيلُ
                                                                    أُنَبّهُهَا، وَهْناً، وفي فَضْلِ مِرْطِهَا،
                                                                            مُصَابٌ قُوَاهُ بالنّعاسِ، قَتِيلُ
                                                                    فَيَا حُسْنَهَا، إذْ هَبّ من سِنَةِ الكَرَى،
                                                                            صَرِيعٌ بِصَيْكِ الزَّعْفَرَانِ، رَميلُ
                                                                    عَذَرْتُ النّوَى، فيمَنْ إلَيهِ اختيارُها،
                                                                            فَما عُذرُها في المُلْكِ حينَ يَزُولُ
                                                                    أمَا وَزَعَتْنِي النّفْسُ عَن بينِ مُلصَقٍ
                                                                            إلى النّفْسِ، تَبكي بَيْنَهُ، وَتَعُولُ
                                                                    بلى، قد تَكرّهتُ الفِرَاقَ، وأشفَقَتْ
                                                                            جوَانِحُ، مِنْهَا مُثْبَتٌ وَعَليلُ
                                                                    وَدَافَعتُ جُهدي عن ثُرَيّا، فلم يكنْ
                                                                            إلى مَنْعِها مِنْ أنْ تُبَاعَ سَبيلُ
                                                                    فَلاَ وَصْلَ إلاّ أنْ تُجَدَّدَ خِلّةٌ،
                                                                            ولاَ أُنْسَ إلاّ أنْ يَكُونَ بَديلُ
                                                                    وَلَوْ أنْجَبَتْ أُمُّ البرِيدِيّ ما نَأى
                                                                            عَليّ جَداهُ، والبَخيلُ بَخيلُ
                                                                    نَبَا في يَدي، وابنُ اللّئيمَةِ واجِدٌ،
                                                                            وَيَنْبُو الحَدِيثُ الطّبْعِ، وَهوَ صَقيلُ
                                                                    بَدا بالسِّيَاطِ الشُّقْرِ، والمَرْءُ مُبتَدٍ
                                                                            منَ النّاسِ، بالرّهْطِ الذينَ يَعُولُ
                                                                    وَكُنْتُ خَليقاً أنْ يُشَيِّعَ مِنّتي
                                                                            عَزَاءٌ عَلى مَا فَاتَ مِنْهُ، جَميلُ
                                                                    فَهَلْ يَنْفَعَنّي في حَمُولَةَ أنّهُ،
                                                                            لأوْزَنِ ما أَعْيَا الرّجَالَ، حَمُولُ
                                                                    أسًى في نُفُوسِ الحاسِدينَ وَحَسرَةٌ،
                                                                            وَغَيْظٌ على أكبادِهِمْ، وغَليلُ
                                                                    وَكانُوا، إذا رَامُوا تَعاطيَ سَعْيِهِ
                                                                            يَفيءُ بعَجْزٍ رأيُهُمْ، فيَفيلُ
                                                                    وَمَا نَقَمُوا إلاّ تَخَرُّقَ مُنْعِمٍ،
                                                                            يَطُوعُ لَهُمْ إحْسَانُهُ، فيَطُولُ
                                                                    لَهُ هِمّةٌ نُلْقي عَلَيْهَا مُهِمَّنَا،
                                                                            فيَدْنُو بَعيدٌ، أوْ يَدِقُّ جَليلُ
                                                                    أقامَتْ لَنا عُوجَ الخُطوبِ، وَرَحّلتْ
                                                                            نَوَائِبَ هذا الدّهْرِ، وَهْيَ نُزُولُ
                                                                    فأصْبَحَ ما نَرْجُو مُؤدًّى قَصِيُّهُ
                                                                            إلَيْنَا، وَغَالَتْ ما نُحاذرُ غُولُ
                                                                    وَلِيُّ أيادٍ عِنْدَنَا، مَا يُغِبُّهَا
                                                                            ثَنَاءٌ، عَلَى سَمَعِ العَدُوّ ثَقِيلُ
                                                                    وكيف تُخِلُّ الأَرضُ بالنَّبْتِ فَوْقَها
                                                                            تَحَرِّي سَمَاءٍ ما تَزَالُ تُخِيلُ
                                                                    لَهُ بَينَ جُوذَرْزٍَ مَنَاقِبٌ
                                                                            شَرَاوَى لأعْلامِ الدّجَى، وَشُكُولُ
                                                                    فَما سَعيُهُ، عَن نَيلِهِنّ، مُؤخَّرٌ،
                                                                            وَلاَ حَدُّهُ، عَنْ حَوْزِهنّ، كَليلُ
                                                                    خَطَبْنَا ألَيْهِ قَوْلَهُ، غِبَّ فِعْلِهِ،
                                                                            وَمَنْ يَفْعَلِ المَعْرُوفَ، فَهوَ يَقولُ
                                                                    وَمَا سَاعَةٌ مِنْ جَاهِهِ، دُونَ جودِهِ،
                                                                            بمُبْعِدَةٍ مِنْ أنْ يُنَالَ جَزِيلُ
                                                                    أرَاني حَقيقاً أنْ أؤولَ إلى الغِنَى،
                                                                            إذا كانتِ الشُّورَى إلَيكَ تَؤولُ
                                                                    وإنّي على غَرْبِي وَشَغْبِ شَكيمَتي،
                                                                            لَمُعْتَبَدٌ للطَّوْلِ مِنْكَ، ذَليلُ
                                                                    جَلا أوْجُهَ الآمَالِ، حتّى أضَاءَها،
                                                                            هِلالٌ، عَلَيْهِ بَهْجَةٌ وَقَبُولُ
                                                                    صَغيرٌ، يُرَجّى للكَبيرِ ضُحَى غَدٍ،
                                                                            وكم مِنْ كَثيرٍ قَدْ بَداهُ قَليلُ
                                                                    نُؤَمِّلُ أنْ تَسرِي عَلَيْنَا، وَتَغْتَدي
                                                                            أساكيبُ، مِن آلائِهِ، وَفُضُولُ
                                                                    إذا استُحْدِثَتْ فيكُمْ زِيَادَةُ واحِدٍ
                                                                            تَدَفَّقَ بَحْرٌ، أوْ تَلاَحَقَ نِيلُ