لا تلحني إن عزني الصبر - البحتري
لا تَلْحَني، إنْ عَزّني الصّبْرُ،
فَوَجْهُ مَنْ أهْوَاهُ لي عُذْرُ
غَانِيَةٌ لمْ أُغْنَ عَنْ حُبّها،
يَقْتُلُ في أجْفَانِهَا السّحْرُ
إنْ نَظَرَتْ قُلْتُ بهَا ذِلّةٌ،
أوْ خَطَرَتْ قُلْتُ بها كِبْرُ
يَخِفُّ أعْلاَهَا، فَتَعتَاقُهُ
رَادِفَةٌ، يَعْيَا بِهَا الخَصْرُ
أصْبَحتُ لا أطمَعُ في وَصْلِهَا،
حَسبيَ أنْ يَبْقَى ليَ الهَجْرُ
وَرُبّما جَادَ، بِمَا يُرْتَجَى
وَبَعضِ ما لا يُرْتَجَى، الدّهْرُ
لمْ يَبقَ مَعْرُوفٌ يَعُمُّ الوَرَى،
إلاّ أبُو إسحاقَ والقَطرُ
أبيَضُ يُنمَى منْ بني مُصْعَبٍ
إلى التي ما فَوْقَها فَخْرُ
ما استَبَقَ النّاسُ إلى سؤدَدٍ،
إلاّ تَنَاهَى، وَلَهُ الذّكْرُ
وَلاَ حَمِدْنَا في امرِىءٍ خُلّةً،
إلاّ وَفيهِ مِثْلَهَا عَشْرُ
وَلَسْتُ أدْرِي أيُّ أقْطَارِهِ
أحْسَنُ، إنْ عَدّدَها الشّعْرُ
أوَجهُهُ الوَاضحُ، أمْ حِلمُهُ الـ
ـرّاجحُ، أمْ نائِلُهُ الغَمْرُ
زِينَتْ بهِ الشُّرْطَةُ لَمّا غَدا
إلَيْهِ مِنْهَا النّهْيُ والأمْرُ
كأنّما الحَرْبَةُ، في كَفّهِ،
نَجْمُ دُجًى شَيّعَهُ البَدْرُ