أيما خلة ووصل قديم - البحتري
أَيُّمَا خُلَّةٍ وَوَصْلُ قَدِيمِ،
                                                                            صَرَمَتْهُ مِنّا ظِبَاءُ الصّرِيمِ
                                                                    نَافِرَاتٌ مِنَ المَشيبِ وَقَدْ كُنّ
                                                                            سُكُوناً إلى الشّبَابِ المُقيمِ
                                                                    وَإذا ما الشّبَابُ بَانَ، فقُلْ مَا
                                                                            شئتَ في غائِبٍ، بَطيءِ القُدومِ
                                                                    غُمّ عَنّا مَكَانُ مَنْ بالغَميمِ،
                                                                            وَتَنَاءَى مَرامُ ذاكَ الرّيمِ
                                                                    وَحَسيرٍ مِنَ السُّهَادِ لَوِ اسْطا
                                                                            عَ شَرَى لَيْلَهُ بِلَيْلِ السّليمِ
                                                                    خَلِّيَاهُ وَوَقْفَةً في الرّسُومِ،
                                                                            يَخلُ مِن بَعضِ بَثّهِ المَكتومِ
                                                                    وَدَعَاهُ لا تُسْعِداهُ بِدَمْعٍ،
                                                                            حَسبُهُ فَيضُ دَمْعِهِ المَسجومِ
                                                                    سَفَهٌ مِنكُما، وَإفْرَاطُ لُؤْمِ ،
                                                                            أنْ تَلُومَا في الحُبّ غَيرَ مُليمِ
                                                                    تلكَ ذاتُ الخَدّ المُوَرِّدِ، وَالمُبْـ
                                                                            ـتَسَمِ العَذْبِ، وَالحَشا المَهضُومِ
                                                                    غَادَةٌ مَا يَغُبُّ مِنْهَا خَيَالٌ،
                                                                            يََقتَضِينى الجَوَى اقتِضَاءَ الغَرِيمِ
                                                                    لَوْ رَآهَا المُعَنِّفُونَ عَلَيْهَا،
                                                                            لَغَدا بالصّحيحِ ما بالسّقيمِ
                                                                    إنّني لاجىءٌ إلى عَزَماتٍ،
                                                                            مُعْدِياتٍ عَلى طُرُوقِ الهُمُومِ
                                                                    يَتَلاعَبْنَ بالفَيَافي، وَيُودِيـ
                                                                            ـنَ بنِقْيِ المُسَوَّمَاتِ الكُومِ
                                                                    التّرَامي بَعْدَ الوَجيفِ، إذا استُؤ
                                                                            نِفَ خَرْقٌ، وَالوَخدُ قبلَ الرّسيمِ
                                                                    كُلُّ مَهْزُوزَةِ المَقَذّينِ، تَلْغَى
                                                                            رَوْحةَ الجأبِ خَلفَها، وَالظّليمِ
                                                                    جُنُحاً كالسّهامِ، يَحمِلنَ رَكباً
                                                                            طُلَّحاً مِنْ سَآمَةٍ، وَسُهُومِ
                                                                    ما لَهُمْ عَرْجَةٌ وَإنْ نأتِ الشّقّةُ
                                                                            غَيرُ الأغَرّ إبْرَاهِيم
                                                                    طالِبي مُنْفِسٍ، وَلَنْ يُكرَمَ المَطـ
                                                                            ـلَبُ، حتّى يَكُونَ عِندَ كَرِيمِ
                                                                    نَشَدوا في بَني المُدَبِّرِ عَهْداً،
                                                                            غَيرَ مُسْتَقصَرٍ، وَلا مَذْمُومِ
                                                                    لمْ يكُنْ ماءُ بحرِهِمْ بِأُجَاجٍ،
                                                                            لا وَلا نَبْتُ أرْضِهِمْ بِوَخِيمِ
                                                                    في المَحَلّ الجَليلِ مِنْ رُبْتَةِ المُلْـ
                                                                            ـكِ استَقَلّتْ، وَالمَذهبِ المُستَقيمِ
                                                                    للنّدَى الأوّلِ الأخيرِ الذي بَرّزَ
                                                                            وَالسُّؤْدُدِ الحَديثِ القَدِيمِ
                                                                    هيَ أُكْرُومَةٌ نَمَتْ مِنْ بَني سَا
                                                                            سانَ في خَيرِ مَنصِبٍ وَأُرُومٍ
                                                                    للصّرِيحِ الصّرِيحِ وَالأشرَفِ الأشْـ
                                                                            ـرَفِ، إنْ عُدّ، وَالصّميمِ الصّميمِ
                                                                    وَإذا ما حَلَلْتَ رَبْعَ أبي إسْـ
                                                                            ـحَاقَ ألْفَيْتَهُ مُوَطَّا الحَرِيمِ
                                                                    وَمتى شِمْتَ غَيْمََهُ لَمْ تُهَجِّنْ
                                                                            صَوْبَ شُؤبوبِهِ الأَجش، الهَزِيمِ
                                                                    مُسْتَبِدٌّ بِهِمّةٍ جَعَلَتْهُ،
                                                                            في عُلُوّ المَرْمى، شرِيكَ النّجومِ
                                                                    وَخِلالٍ، لَوِ استَزَدْتَ إلَيْهَا
                                                                            مِثْلَهَا، ما وَجَدتَها في الغُيُومِ
                                                                    إتّبِعْهَا، فَقَدْ رَأيْتَ عِيَاناً
                                                                            أثَرَيْهَا على العِدَى، وَالعَدِيمِ
                                                                    الأغَرُّ الوَضّاحُ تُورِي يَداهُ،
                                                                            حينَ يَكْبُو زَنْدُ الأغَمّ البَهيمِ
                                                                    عَابِسٌ في حِيَاطَةِ الفَيءِ، يَلقى
                                                                            مُبْتَغي نَقْصِهِ بِوَجْهٍ شَتيمِ
                                                                    يُؤثِرُ البُؤسَ في مُبَاشرَةِ الأمْـ
                                                                            ـرِ، وَفي جَنْبِهِ مَكانُ النّعيمِ
                                                                    نَافِرُ الجَأشِ، لا تَقَرُّ حَشَاهُ،
                                                                            أوْ يُؤدّي ظُلامَةَ المَظْلُومِ
                                                                    وَوَقُورٌ تَحْتَ السّكينَةِ ما يَرْ
                                                                            فَعُ مِنْ طَرْفِهِ ضَجاجُ الخُصُومِ
                                                                    زَادَنَا الله مِنْ مَوَاهِبِهِ فِيـ
                                                                            ـكَ، وَمِن فَضْلِهِ عَلَيكَ العَميمِ
                                                                    ما تَصَرّفتَ في الوِلايَةِ، إلاّ
                                                                            فُزْتَ مِنْ حَمْدِها بحَظٍّ جَسيمِ
                                                                    لمْ تزَلْ من عُيوبها أبيَضَ الثّوْ
                                                                            بِ، وَمِن دائِها صَحيحَ الأديمِ
                                                                    هَذِهِ البَصْرَةُ استَغاثَتْ إلى ذَبّـ
                                                                            ـكَ عَنْها، وَسَيْبِكَ المَقْسُومِ
                                                                    قُمْتَ فيها مَقامَ مُسْتَعْذَبِ المَا
                                                                            ءِ، مَصيفاً، وَمُسترَقِّ النّسيمِ
                                                                    وَدَفَعْتَ العَظيمَ عَنْهَا وَلا يَدْ
                                                                            فَعُ كُرْهَ العَظيمِ غَيرُ العَظيمِ
                                                                    نَازِلاً في بَني المُهَلَّبِ وَالفِتْـ
                                                                            ـنَةُ تَسْطُو عَلى سَوَامِ المُسيمِ
                                                                    كُنتَ فيهِمْ، فكُنتَ أوْفرَ حَظٍّ
                                                                            خُصّتِ الأزْدُ فيهِ، دونَ تَميمِ