لنا من الدَّهرِ خَصْمٌ لا نُغالبُه - السري الرفاء

لنا من الدَّهرِ خَصْمٌ لا نُغالبُه
فما على الدهرِ إنْ وَلَّتْ نوائبُه

يرتدُّ عنه جريحاً من يُسَالِمُه
فكيفَ يَسْلَمُ منه من يُحارِبُه

و لو أَمِنْتُ الذي تَجني أراقمُه
عليَّ هانَ الذي تَجني عقاربُه

تَظلَّم الشِّعرُ من ليْثٍ يُساوِرُه
إذا تبرَّجَأوصِلٍّ يُواثبُه

و حُجِّبَت دون رائيها بدائِعُه ؛
و قُيِّدَت دونَ مَسراها غرائبُه

و كيفَ لا يتحامى سَفْرُها سَنناً
أمسى به أَسَدٌ ضارٍ نوائبُه

يا غَيْبَة َ الكَرَمِ المفقودِ غائبُه
و خيْبة َ الأدَبِ المجفوِّ صاحبُه

أَتُستباحُ على قَسْرٍ مَحارِمُه
و تُستَرَقُّ على صُغْرٍ كواعبُه

أَبَعْد ما انْهَدَّ عُمري في محاسنِه
حتى وَهَى بحُلولِ الشَّيْبِ جائبُه

و رَقرقَ الطبْعُ فيه ماءَ رَوْنَقِهِ
فجاء كالوَشْيِ مصقولاً سَبائبُه

و كانَ كالثَّمَرِ استقصَيْتُ غايتَه
خُبْراً فما بيدي إلا أطايبُه

ضَرْبٌ من السِّحْرِ أجْلوه على نَفَرٍ
سِيَّانِ قائلُه فيهم وجالبُه

تُضيءُ مثلَ سطورِ البرْقِ أسطُرُه
كأنما ذَهَبُ القُرطاسِ كاتبُه

تدنَّسَتْ بيديْ غَيري مَطارفُه
و سُوِّدَتْ بسِوى قَوْمي مَناسبُه

وَشْيٌإذا نَمنَمَتْ منه خواطِرُنا
بُرْداًفلا بُدَّ من كَفٍّ تُجاذِبُه

نَهْبٌفلو حضَرَتْه النارُ مُضْرَمة ً
جرى إليه يخوضُ النارَ ناهبُه

بل لو تعلَّقَ بالجَوزاءِ هاربُه
ما فاتَ خَطْفَ أبي عثمانَ هارِبُه

سَبَىو أبقَتْ بَوادي سَبْيهِ لُمَحاً
معشوقة ً إنْ عفَتْ عنها عَواقبُه

إذا الكميُّ تَحامَى بعضَ ما ملَكَتْ
رِماحُه من خطيرٍفهو واهبُه

له على سَرْجِ شِعْري غارة ٌ أبداً
يرتاعُ معقولُه منها وساربُه

فلا السِّنانُ لها دامٍو قد برقَتْ
فتْكاًو لا السَّيفُ مخضوباً مضاربُه

إذا تخطَّفَ من أولادِنا ولداً
قامتْ بمِثْلِ قوافيه نوادبُه

إليكُمُ عن شِهابٍ طارَ طائِرُهُ
قِدْماً يُعَرِّي أديمَ الجوِّ ثاقبُه

فنَكِّبُوا عن طريقِ السَّيْلِ تمتنعُوا
من قبلِ أن تَتَهاداكُم غَوارِبُه

فلسْتُ أُهدي إلى قومٍ سَمائِحَه
من بعدِ ما قُسِّمَت فيهم جنائبُه

و لا تَمُدُّوا إلى العيُّوقِ أيديَكم
جَهْلاًفلن يُدرِكَ العيُّوقَ طالبُه

هل للغَنِيَّيْنِ عُذْرٌ في اغتصابِهِما
حَلْياًيَبوءُ بأَوْفى اللَّعنِ غاصِبُه

قلْ للوزير تحرَّجْ إنه سَلَبٌ
غَشْماً تعدَّى على المسلوبِ سالبُه

لا يُبعدِ اللّهُ دُرّاً حلَّياكَ به
فكَمْ فتى ً عُطِّلَتْ منه تَرائِبُه

و مرْكبَاً يتحرَّى الصِّدقَ مادِحُه
حُسْناًكما يتحرَّى الإفْكَ عائبُه

مُدّفَّعاً بأكُفِّ الظُّلمِ رائضُهُ
مُنكَّباً برماحِ الجُودِ راكبُه

أضحى ابنُ فهْدٍ حَرِيباً من مَحاسنِه
من بعدِ ما بُذِلَتْ فيها حَرائبُه

و أنتَ لا شكَّ من أفوافِ يُمنَتِه
عارٍكما عُرِّيَت منها مناكبُه

و كيفَ تسحَبُ وَشْياً قد تداولَه
قومٌ سِواك فقد رَثَّت مساحبُه

تبرَّجَتْ فيهمُ قِدْماً عرايسُه
و أشرقَتْ فيهمُ دهراً كواكبُه

لا يُعجِبَنَّكَ دينارُ المديحِو لم
يَضْرِبْهُ باسمِكَ دونَ الناسِ ضارِبُه

فخيرُ صَيدِكَ ما حلَّت مَصايِدُه ؛
و خيرُ مالِكَ ما طابَتْ مَكاسِبُه

و إن أَصَخْتَ لتَغريدِ المديحِفقد
وافَى مُغَرِّدُهُو انحطَّ ناعبُه