أقولُ لحنَّانِ العَشيِّ المُغَرَّدِ - السري الرفاء

أقولُ لحنَّانِ العَشيِّ المُغَرَّدِ
يهُزُّ صفيحَ البارقِ المتوقِّدِ

تَبَسَّمَ عن رَيِّ البلادِ حَبيُّه
و لم يبتسمْ إلا لإنجازِ مَوْعِدِ

على الشَّرَفِ المعمورِ بالعَمْرِفالرُّبا
فتلكَ الثَّنايافالطريقِ المعبَّدِ

فسُودِ اللَّيالي من بَنِيَّة ِ جَعْفَرٍ
فَدِمنَة ِ آثارِ الخليفة ِ أحمدِ

بِصَفحَة ِ مصقولِ الأديمِكأنَّما
سَفائِنُهُ رُبْدُ النَّعامِ المُشرَّدِ

شَوائِلُ أذنابٍ يُخَيَّلُ أنَّها
عَقارِبُ دَبَّتْ فَوقَ صَرْحٍ مُمَرَّدِ

فمَشهَدُ عمروٍ حيثُ يُلْعَنُ ظالِمٌ
و تَبْكي على المظلومِ آلُ محمَّدِ

مَحلُّ الهَوى العُذريِّ في غَيرِ حِلَّة ٍ
و عَهْدُ الشَّبابِ الغَضِّ في غَيرِ مَعهدِ

مَضَت نَومَة ُ التَّعريسِ في ظلِّ أمنِهِ
و أعقبَها ليلُ السَّليمِ المُسَهَّدِ

أمُجُّ له العَذْبَ النَّميرَكأنَّه
مُجاجة ُ مُحمَرِّ الحماليقِ أسوَدِ

و لا وَصْلَ إلا أن أروحَ مُغَرِّراً
بأدهمَ في تَيَّارِ أخضرَ مُزبِدِ

إذا ما أَهَلَّ الرَّكْبُ فيه جَرَى لَهُم
على سَنَنٍ كالمَشرَفيِّ المُجرَّدِ

إذا ما ارتدَى اللَّيلَ البَهيمَفإنَّني
بلَيْلَينِ منه والدُّجُنَّة ِ مُرتَدي

أرى بلداً يشكو منَ الماءِ مثلَ ما
شَكا الغِمْدُ من حَدِّ الحُسامِ المُهَنَّدِ

تَحيفَ غَربيَّ القصورِ كأنَّما
رُمينَ على الأيَّامِ منه بمِبرَدِ

مُكَفَّرَة ُ الجُدرانِ للمَدِّ لا تَني
تَخُرُّ عليه من رُكوع وسُجَّدِ

و عَهْدي بها مثلُ الفَراقدِ تُنْتَضى
ذَوائِبُها ما بينَ نَسْرٍ وفَرقَدِ

بقيَّة ُ أبشارِ البناءِ كأنما
تَصوغُ لها الآصالُ تِيجانَ عَسجَدِ

فيا سطوة َ الأيَّامِ عُودي لسِلْمِها
كما كنتِ قبلَ اليومِ مَغلولة َ اليَدِ

و يا جانِبَيْها بالمُناخِ سُقيتُما
بأعذبَ ممَّا يُسقَيانِ وأبرَدِ

و يا ديْرَها الشَّرقيَّ لازالَ رائحٌ
يَحُلُّ عُقودَ المُزنِ فيكَ ويَغتدي

مَوارِدُ لَهْوٍ صَفَّقَتْ في ظِلالِها
مَوارِدُ من ماءِ الكرومِ مُوَرَّدِ

عليلَة ُ أنفاسِ الرِّياحِكأنَّما
يُعَلُّ بماءِ الوَرْدِ نَرجِسُها النَّدي

يَشُقُّ جيوبَ الوَرْدِ في شَجَرَاتِها
نَسيمٌ متى يَنْظُرْ إلى الماءِ يَبرُدِ

و ملعَبُ إفرِنْدِيَّة ِ الرَّوْضِ يَعْتَلي
عليه خَلوقيُّ البِناءِ المُشَيَّدِ

صوامعُ في سَروٍ أنافَ كأَنها
قِبابُ عقيقٍ في قِبابِ زَبَرْجَدِ