أرح يمينكَ مِمَّا أنتَ مُعتَقِلُ - الشاب الظريف

أرح يمينكَ مِمَّا أنتَ مُعتَقِلُ
أَمْضَى الأَسِنَّة ِ ما فُولاذُهُ الكَحَلُ

يَا مَنْ يُرِيني المَنَايَا واسْمُهَا نَظَرٌ
مِنَ السُّيُوفِ المَوَاضِي واسْمُهَا مُقَلُ

مَا بَالُ أَلْحَاظُكَ المَرْضَى تُحارِبُني
كأَنَّما كُلُّ لَحْظٍ فارِسٌ بَطلُ

وَمَا لِقَوْمِكَ سَاءَتْ بِي ظُنُونُهُمْ
فليتهم عَلِموا مني الذي جَهلوا

في ذِمّة ِ الله ناءٍ حُسْنُه أَمَمٌ
وَفَارِغُ القَلْبِ في قَلْبِي بِهِ شُغْلُ

مِنْ دُونِهِ كُثُبٌ مِنْ دُونِهَا حَرَسٌ
مِنْ دُونِهِ قُضُبٌ مِنْ دُونِهَا الأَسَلُ

ومَعْشَرٍ لمْ تزلْ في الحربِ بِيضُهُمُ
حُمرُ الخُدود وما منْ شأنِهَا الخَجَلُ

إذا انتضوْهَا بروقاً ردَّها سُحُباً
بِهَا دمٌ سالَ مِنها عارضٌ هَطَلُ

يُثني حديث الوغى أعطافهُم طَرباً
كأنَّ ذِكرَ المَنَايا بينهمْ غَزَلُ

كَم نَارِ حَرْبٍ بِهِمْ شَبَّتْ وَهُمْ سُحبٌ
وأرضِ قومٍ بهم فاضتْ وهم شُعَلُ

مِنْ كلِّ ذي طرَّة ٍ سوداء يلبسُها
غَيْمٌ بِهَا مِنْ عُبَابِ النَّقْعِ مُتَّصِلُ

ضاءت بحسنهم تِلْكَ الخِيامُ كَمَا
ضاءَت بوجه ابن عبد الظَّاهِر الدُّولُ

كأَنَّما كَفُّ فَتْحِ الدِّينِ وَجْنَتُهُ
لذاكَ يحسن في ساحاتِهَا القُبَلُ

أَغرُّ ما أَبْدَتِ السُّحْبُ الحَيا لِسِوَى
تقصيرها عن نداه حينَ ينهملُ

إنْ قُلْتُ يُمْنَاهُ مِثْلُ البَحْرِ صَدَّقني
بِهَا مَنَاهِلُ مِنْهَا تَشْرَبُ القُبُلُ

يدٌ لَهَا كم يدٍ من قبلها سبقتْ
يَدٌ وَكَمْ مِنْ يَدٍ مِنْ بَعْدِهَا تَصِلُ

تُوحي إلى كُلّ قِرْطَاسٍ بَلاَغَتُهُ
سحرُ البيانِ ومنْ أقلامِهِ الرُّسلُ

سُمرٌ تروقكَ رأي العينِ عارية ً
وَمِنْ بَدِيعِ مَعَانِيهِ لَهَا حُلَلُ

من الأسنَّة ِ في أطرافها سنة ٌ
لَوْلا النَّضَارَة ِ قُلْنَا إنَّهَا ذَبلُ

من كل معتدلٍ كالميلِ إنْ رَمَدَتْ
عَيْنُ المَعَالي فَفِيها نَقْسُه كَحَلُ

فللعداة ِ لديهِ كُلّ ما حذروا
وَلِلْعُفَاة ِ عَلَيْهِ كُلّ مَا سَأَلُوا

أضحتْ يداهُ لعقدِ الجود واسطة ً
فليس يُدرى لجودٍ بعدَها عَطَلُ

يَجُودُ حَتّى يَملَّ النّاسُ أَنْعُمَهُ
وليس يُدركُه من بذلها مللُ

سَادَتْ وَسَارَتْ بِهَا الأَفْوَاهُ مُعْلِنَة ً
فَقَدْ غَدَتْ مَثَلاً يَغْدُو بِهَا المَثَلُ

بَنى لأبنائِه بيتَ العلُى وثَوى
فيما بَناهُ له آباؤهُ الأُوَلُ

كَانُوا أَتمَّ الوَرَى جُوداً وإنْ صَمَتُوا
وأعظم النَّاسِ أحلاماً وإن جهلوا

زَالُوا فأُوْدِعَ في الأَسْمَاعِ ذِكْرُهُمُ
مَحَاسِناً أُوْدِعتها قَبْلَهَا المُقَلُ

امْدحْ وقلْ في معانيهِ فَقَد كَرُمَتْ
لا يَحْسُنُ القَوْلُ حَتَّى يُحسنُ العَمَلُ

يَا مَعْدِنَ الجُودِ لا أَبْغِي سِوَاكَ وَلَوْ
فعلت ذلك سُدَّت عني السُّبُلُ

إنْ ابْنَ بابِكَ مَحْسُوبٌ عَلَيْكَ وَلِي
حَقُّ العبودة مَشْفُوعٌ بِهِ الأَمَلُ