ولادة في بنسيون المنصور - محمد الحارثي

استقبلتني بابتسامةٍ مسحورةٍ بعد أن قرأتُ بيتيها المحفورين في منحوتةٍ لا تُـظهر سوى كفيهما الغائمـتين في قُبلةٍ سوداء، وخبّـأتني خبـأتني بين نهديها كلّ ظهيرةٍ غابها أبوها لإيـداع بيزاتهِ في البانكو دي أنـدلوسيا
هاتفةً:
"أغارُ عليكَ من عيني ومني
ومنكَ، ومن زمانكَ والمكانِ
ولو أني خَبَـأتُكَ في عُيـوني
إلى يوم القيامة مـا كــــفاني"
ثلاثةٌ أيام بلياليها "أضحى التداني بديلاً عن تنائينا"
ثلاثةٌ أيام بـثاءٍ إسبانيةٍ تُـغرغرُ في أذنيّ الرطبتين:
أغار عليك
أغار عليك
بثاءٍ إسبانيةٍ ولُـعابٍ ضرير عن تحريفي
لمـطلع ابن زيدون..
تلك التي عندما أعطيها مفتاح
الغرفة
في طريقي إلى جامع قُـرطبة
أو عائداً من حديقة النصر
لم تكُـن في بـهوِ البنسيون
تُحدثني طويلاً.
لكنها في مخمل الظهيرات
تدقُّ بابَ الغرفة التاسعة
(راقصةً الفلامنكو على إصبع واحدة)
قبل أن تقدم لي قهوةً مغليّةً بماء أندلسي
غالباً ما يبردُ
مُـنتهياً إلى أبديّـتهِ الصغيرة
في زورقِ الفنجان.