غفوة صعبة المنال - محمد الحارثي

في ثالوث الظهيرات أسترخي
مع كتابٍ خفيف
أخاتل بفراشةِ حكاياته السبع
غفوةً صعبة المنَـال.
وعندما لا أفـلِـحُ في ذلك؛
أستـميحُ المُـذيع عُذراً
في خفض صوتهِ المليء بالأخطاء
حتى أتمكنَ من الإنصات لسرب طيور
مهاجرة
في غابة التليفزيون.
لكن فحيح فرامل الشاحنة
التي تُفرغ كل يوم بُحيرةً من البنـزين
في صهريج المحطة -
تصلُ رائحةُ أسماكها الجُـوراسيّة
أنفَ الحكايةِ السابعة
وتجعلني أفشـلُ
من جـديد.
لِـذا
كنتُ أرحلُ إلى قارات
مُقمرةٍ بالنوم
وبُلدانٍ يحسـدني نُـبلاؤها ومُعـدموها
على دولارات البـنـزين
التي لم تكن في جيبـي.
وعندما..
عندما أخبرهم أن كل مالديّ
جـوازُ سـفرٍ بخنـجرٍ وسيـفين، و..
أوراقٌ بيـضـاء
أكتـبُ عليها
مُسـوّدات قصـائد-
لا يُصــدقونني
بل يُدخلون أيـديهم في جيـوبي
ليـشمّـوا رائحة البـنزين العالقة
في ورقـة كلينكس سـوداء.
.. وحتى العزيز "مـندلشـتام"
الذي أحملُ كتـابهُ وموتَـهُ في الطريق
إلى سيـبـيريـا (تعويـذةً من شرور السـفر
أوصانـي بها مُجـرّب)
يهـزّ أذنيـهِ الكـبـيرتين
خارج الغِـلاف:
مُـكذباً حكـايـتي
ووصـيّـةَ المُجـرب!
مع ذلك
مازلتُ أعودْ
بصُـورٍ فوتوغرافية
وحقيبةِ ظَـهر
وقصـائد
تـتدلى منها
أرقـامُ الرحـلات
وأخـفافُ حُـنينْ.
ثُم
رحلةٌ جديدةٌ، وهـكذا دواليك
(بين خنـجـرٍ وسـيفين)
مع سائحٍ أمريـكي في هـانـُـوي
أو في الخط المعلّـق بين مكـةَ
والجُـزُر العذراء
ولاحـقاً في شـارع الملك محمد الخامس
وحتـى أمام البـوذا الرخـامي في تشـيـانغ ماي
كنتُ أفكّر..
وتلك الليلة التي قضيتُ مآخيرها
بين زيـجـنشـور وداكّـار مُـنصتاً
لمبـادئ عِـلم الملاحة وتعاليم
القناع المعـلّق فوق شـاشة الرّادار..
(كنتُ أُفـكّر)
في نـسر العاصفة
الذي هَـبّ من خـرزةٍ مكسـورة
وأسقـطَ القنـاعَ بعيداً
عن ريـشةِ النسـر
وبُحـيرة البنزين
التي لم تنـفجر بعدُ
كأشـلائي..
كأشلائي
في المـرآة التي لن تبكي،
ولن يسـتميـحها المُذيعُ عُـذراً
عنـدما يُقـلدُ ريـز خـان في السـي إن إن
بخبرٍ صغـير عن هيـروشـيما الشُـرفة
بعد أن ينـسى، ويُـزيح جانباً:
غفـوةً صعبةَ المنـال
وطـائـراً لم يُـهاجر
من غـابةِ التليفزيـون.