هل أنتَ راثٍ لصبّ القلبِ معمودِ - الشريف المرتضى

هل أنتَ راثٍ لصبّ القلبِ معمودِ
دوي الفؤادِ بغير الخردِ الجودِ ؟

ما شفَّهُ هجرُ أحبابٍ وإنْ هَجروا
من غيرِ جُرمٍ ولا خُلفِ المواعيدِ

وفي الجفونِ قذاة ٌ غَيرُ زائلة ٍ
وفي الضّلوع غرامٌ غيرُ مفقودِ

يا عاذلي - ليس وجدٌ بتُّ أكتمه
بين الحَشا وَجدُ تعنيفٍ وتفنيدِ

شربي دموعي على الخدين سائلة ً
إنْ كان شُرْبُكَ من ماءِ العناقيدِ

و نمْ فإنّ جفوناً لي مسهدة ً
عمرَ الليالي ولكنْ أيَّ تسهيدِ ؟

وقد قضيتُ بذاك العذلِ مَأْرَبَة ً
لو كان سمعيَ عنه غيرَ مسدودِ

تلومُني: لم تُصْبك اليومَ قاذفتي
ولم يعدْك كما يعتادُني عيدي

فالظّلمُ عَذْلُ خليِّ القلبِ ذا شَجَنٍ
وهُجنَة ٌ لومُ موفورٍ لمجهودِ

كم ليلة ٍ بتُّ فيها غيرَ مرتفقٍ
و الهمُّ ما بين محلولٍ ومعقودِ

ما غن أحنُّ إليها وهيَ ما ضية ٌ
و لا أقول لها مستدعياً : عودي

جاءتْ فكانت كعوارٍ على بصرٍ
وزايلتْ كزيالِ المائدِ المُودي

فإنْ يودُّ أناسٌ صبحَ ليلهمُ
فإنّ صبحيَ صبحٌ غيرُ " مودودِ "

عشية ٌ هجمتْ منها مصائبها
على قلوبٍ عنِ البَلْوى مَحاييدِ

يا يوم عاشورَ كم طأطأتَ من بصرٍ
بعد السموّ وكم أذللتَ من جيدِ

يا يومَ عاشورَ كم أطردتَ لي أملاً
قد كان قبلكَ عندي غيرَ مطرودِ

أنتَ المُرنِّقُ عيشي بعدَ صفوتِهِ
و مولجُ البيضِ من شيبي على السودِ

جزْ بالظفوفِ فكم فيهنّ من جبلٍ
خرّ القضاءُ به بين الجلاميد

وكم جريحٍ بلا آسٍ تمزِّقُهُ
إمّا النُّسُورُ وإمَّا أضبُعُ البيدِ

وكم سَليبِ رماحٍ غيرِ مستترٍ
و كم صريعِ حمامٍ غيرِ ملحودِ

كأنَّ أوجُهَهم بيضاً ملألئة ً
كواكبٌ في عِراصِ القفرة ِ السُّودِ

لم يطعموا الموتَ إلاّ بعد أنْ حطموا
بالضَّربِ والطعنِ أعناقَ الصَّناديدِ

و لم يدعْ فيهمُ خوفُ الجزاءِ غداً
دماً لتربٍ ولا لحماً إلى سيدِ

من كلَّ أبلجَ كالدينار تشهده
وسْطَ النَّدِيِّ بفضلٍ غيرِ مجحودِ

يغشَى الهياجَ بكفٍّ غيرِ مُنقبضٍ
عن الضِّرابِ وقلبٍ غير مَزْؤودِ

لم يعرفوا غيرَ بثَّ العرفِ بينهمُ
عفواً، ولا طُبعوا إِلاَّ على الجودِ

يا آلَ أحمدَ كم تلوى حقوقكمُ
ليَّ الغرائبِ عن نبت القراديدِ

و كم أراكمْ بأجواز الفلا جزراً
مبددين ولكنْ أيَّ تبديدِ ؟

لو كان ينصفكم من ليس ينصفكمْ
ألقى إليكمْ مطيعاً بالمقاليدِ

حُسدتمُ الفضلَ لم يُحرزْهُ غيركُمُ
والناسُ ما بين محرومٍ ومحسودِ

جاؤا إليكمْ وقد أعطوا عهودهمُ
في فيلقٍ كزهاءِ الليلِ ممدودِ

مستمرحين بأيديهمْ وأرجلهمْ
كما يشاؤن ركضَ الضمرِ القودِ

تَهوي بهمْ كلُّ جرداءٍ مُطهَّمة ٍ
هوِيَّ سَجْلٍ منَ الأوذامِ مَجدودِ

مُستشعرين لأطرافِ الرِّماح ومِنْ
حدَّ الظبا أدرعاً من نسجِ داود

كأنَّ أصواتَ ضَربِ الهامِ بينَهُمُ
أصواتُ دَوْحٍ بأيدي الرِّيح مَبْرودِ

حمائمُ الأيكِ تبكيهمْ على فننٍ
مُرنَّحٍ بنسيم الرِّيحِ أُملودِ

نُوحي؛ فذاك هديرٌ منكِ مُحتَسَبٌ
على حسينٍ فتعديدٌ كتغريدِ

أُحبِّكمْ والّذي طافَ الحجيجُ بهِ
بمبتنى ً بإزاءِ العرش مقصودِ

وزمزمٍ كلَّما قِسْنا مواردَها
أوفَى وأَربَى على كلِّ المواريدِ

والموقِفينَ وما ضَحَّوْا على عَجلٍ
عندَ الجِمارِ من الكومِ المقاحيدِ

و كلَّ نسكٍ تلقاه القبولُ فما
أمسى وأصبحَ إلاّ غيرَ مردودِ

و أرتضى أنني قدْ متُّ قبلكمُ
في مَوقفٍ بالرُّدينيَّاتِ مَشْهودِ

جَمِّ القتيلِ فهاماتُ الرِّجالِ به
في القاع ما بين متروكٍ ومحصودِ

فقلْ لآلِ زيادٍ أيُّ معضلة ٍ
ركبتموها بتخبيبٍ وتخويد

كيفَ استلبتُم منَ الشُّجعانِ أمرَهُمُ
والحربُ تَغلي بأوغادٍ عَراديدِ؟

فرقتمُ الشملَ ممنْ لفّ شملكمُ
وأنتمُ بينَ تَطْريدٍ وتَشريدِ

و منْ أعزكمُ بعد الخمولِ ومنْ
أدناكُمُ مِن أمانٍ بعدَ تبعيدِ؟

لولاهمُ كنتمُ لحماً لمزدردٍ
أو خلسة ً لقصير الباع معضودِ

أو كالسِّقاءِ يَبيساً غيرَ ذي بللٍ
أو كالخباءِ سَقيطاً غيرَ مَعْمودِ

أعطاكمُ الدهرُ مالا بدّ " يرفعه "
فسالبُ العودِ فيها مورقُ العودِ

ولا شَربتمْ بصفوٍ لا ولا عَلِقَتْ
لكمْ بنانٌ بأزمانٍ أراغيدِ

و لا ظفرتمْ وقد جنتْ بكم نوبٌ
مُقلقلاتٌ بتمهيدٍ وتَوطيدِ

و حول الدهر رياناً إلى ظماءٍ
منكمْ وبدل محدوداً بمجدودِ

قد قلتُ للقوم حطوا من عمائهمْ
تحقُّقاً بمصابِ السّادة ِ الصِّيدِ

نُوحوا عليه؛ فهذا يومُ مصرعِه
وعَدِّدوا إنَّها أيّامُ تَعديدِ

فلي دموعٌ تبارى القطرَ واكفة ٌ
جادتْ وإن لم أقلْ يا أدمعي جودي