عنّ الخيالُ لنا ليالى الأبرقِ - الشريف المرتضى

عنّ الخيالُ لنا ليالى الأبرقِ
والرَّكبُ بينَ مُسهَّدٍ ومؤرَّقِ

ومصرّعين من الكلال كأنّهمْ
صَبحوا وما صَبحوا بكلِّ مُروَّقِ

متوسِّدين وقد أَمالَ رقابَهمْ
سُكرُ الكَرَى لهم خُدودَ الأينُقِ

إنْ كان زُوراً باطلاً فَلَطعمُهُ
حلوٌ شهيٌّ في فم المتذوِّقِ

لم ينههَ عنّى تقوّسُ صعدتى
والشّيبُ يضحك ثغره فى مفرقى

ومُرشَّفِ الوَجناتِ لولا حسنُهُ
سَلَتِ القلوبُ معاً فلم تَتَعشَّقِ

يَسبي العيونَ بحُسنِ خدٍّ مُونقٍ
حاز الجمالَ وغضِّ قَدٍّ مُورقِ

وافى وهاماتُ الكواكبِ ميّلٌ
والصُّبحُ قد أَلقَى يداً في المشرقِ

واللّيلُ فى بردٍ رقيقٍ أزرقٍ
سملٍ ولكنْ بعدُ لم يتخرّقِ

بردتْ زيارتهُ غليلَ تحرّقى
وشَفتْ وما علمتْ طويلَ تشوُّقي

مازدتهُ شيئاً - وبين جوانحى
لهبُ الغرام - على الحديثِ المونقِ

يالائمى فى الحبِّ لو قاسيته
لعلمتَ أنَّك كاذبٌ لم تَصدُقِ

ما كنتَ للعذلِ الذي لم تُلفِني
أُصغي إِليه منَ الصَّبابة ِ مُعنِقي

فدعِ الملامة َ لا مفيقٌ من هوى ً
فينا ولا في رأيه من مُفْرِقِ

قل للوزير أبى المعالى وابنها
وسليلِ كلِّ نجيبة ٍ لم تخفقِ

يا سيِّدَ الوزراءِ من ماضٍ ومِن
آتٍ ومخلوقٍ ومن لم يخلقِ

لازلتَ بينَ تملُّكٍ وتحكُّمٍ
أبداً وبين تصعّدٍ وتحلّقِ

في خَفضِ عيشٍ لا يزولُ نطاقُهُ
عن ساحتيك وظلّ عزٍّ محدقِ

للهِ دَرُّك حيثُ تَشْتجِرُ القَنا
تحتَ العجاجِ على ظهورِ السُّبَّقِ

واليومُ غصّانٌ بكلِّ مجدّلٍ
فوق الثّرى وبأذرعٍ وبأسوقِ

والموتُ يستلبُ النّفوسَ بطعنة ٍ
أو ضربة ٍ فكأنّما لم تخلقِ

أوقدته حتى استطار شراره
وغمرتَ فيه فيلقاً فى فيلقِ

وعصابة ٍ مرقتْ فرضتَ جماحها
حتّى التوى فكأنَّما لم تمرُقِ

أنزلتها قسراً على حكم الظّبا
وقضيَّة ِ العالي الأشَمِّ الأزرَقِ

والبيضُ بين مسلّمٍ ومثلّمٍ
والسّمرُ بين مصحّحٍ ومدقّقِ

لاتحفلنْ بالغابطين على الذى
أوتيتَ من بحر الفخارِ المفهقِ

وقهرتهمْ بمحلّة ٍ لاترتقى
وبهرتَهمْ في جودك المتدفِّقِ

ودع الحسودَ يقول ماهو أهلهُ
فالقولُ بين مكذّبٍ ومصدّقِ

ليس الحسودُ وإنْ تموَّه أمرُهُ
فى النّاس إلاّ كالعدوِّ المحنقِ

أنا فى بنى عبد الرّحيم مخيّمى
وإذا علقتُ فمنهمُ متعلّقى

وبنشرهمْ عبقٌ ولولا أنّه
يا صاحبي نشرٌ لهمْ لم أعْبَقِ

أعطيتُهُمْ ودِّي ولو بيدي المنى
شاطرتُهمْ من مدَّتي ماقد بَقي

ولوَ أنَّ في كفِّي الشّبابَ وقد مضى
لبذلتهُ وخصصتهمْ بالرّيقِ

فى أى ّ شعبٍ من شعوبِ مرادهمْ
- حتّى أتاهمَ - لم أخبَّ وأعنقِ

فبأى أمرٍ فيهمُ لم ألتبسْ
وبأيِّ حبلٍ منهمُ لم أعلَقِ 

كم أنقذوا من حتفِ كربٍ واسعٍ
أو أخرجوا من كفِّ خَطبٍ ضيِّقِ

ورقَوْا منَ العلياء مالا يُرتقَى
وأَتَوا منَ الغايات مالم يُلحَقِ

ومتى رأيتَهمُ رأيتَ تقرُّبي
من دارهمْ وتخصّصى وتحقّقى

لاباعدَ اللهُ اللِّقاءَ ولارمَى
شملاً يضمّ جميعنا بتفرّقِ

قد زارنا التّحويلُ يخبر أنّه
أبداً يقابلنا بوجهٍ مُشرقِ

صقلَ الإلهُ حُسامَه وأزارَه
طَلْقاً بكلِّ تهلُّلٍ وتألُّق

كم ذا لنا أملٌ به متنظَّرٌ
شَوقاً ومن قلبٍ به متعلِّقِ

وكساهُ من حُلَلِ القَبول مَجاسداً
ما كنَّ من وشْيٍ ومن إستَبْرَقِ

وبه مفاخرُ دهرِنا وعلاؤهُ
دون الدّهور على الجبال الشّهّقِ

وإذا استمعتَ فلا تُصِخْ إلاّ إلى
كلمٍ جلبن على الورى من منطقى

في رونقٍ بَهِجٍ، وليس برائقٍ
ما لم يكن عذباً ولا ذا رونقِ

ومنمّقِ طبعاً وكلُّ منمّقٍ
بتعسّفٍ يلقاك غيرَ منمّقِ

وإذا نطقتُ بغير مدح فضائلٍ
جمعتْ لكمْ فكأنّنى لم أنطقِ