ألا إني وهبتُ اليومَ نفسي - الشريف المرتضى

ألا إني وهبتُ اليومَ نفسي
لمن هو في المودة ِ مثلُ نفسي

ومَن لولاه لاستَوْبَأَتُ وِرْدي
ولاستخشنتُ مَسِّي عند لَمْسي

فتى ً ناط اإلهُ به فروعي
ولفَّ بأصلِهِ أصلي وجنسي

أصولُ بهِ على كَلَبِ الأعادي
و آوى منه في هضباتِ قدسِ

وضَوْءُ جبينهِ ليلاً وصُبحاً
إذا قابلتهُ بدرى ومسي

فقلْ للزَّينبيِّ مقالَ خِلٍّ
صربحِ الودَّ لم يلبسْ بلبسِ

أتذكرُ إِذْ هبطنا ذاتَ عِرْقٍ
و نحن معاً على أقتادِ عنسِ ؟

على هوجاءَ يُخرجُها التَّنَزِّي
أمامَ اليَعْمَلاتِ بغيرِ حِلْسِ

وإذْ سالتْ إِلينا من هُذَيلٍ
شعابُ الواديين بغير بخسِ

رجالٌ لا يبالون المنايا
تُصبِّحُهمْ نهاراً أو تُمَسِّي

بألسنة ٍ خلقن لغير ذوقٍ
وأفواهٍ شُقِقْنَ لغير نَهْسِ

يُشيعون الطَّعامَ النَّزْرَ فيهمْ
إذا ما الزّادُ أمكنَ كلَّ حَرْسِ

كأنهمُ على الحراتِ منها
وقد طَلعوا عليك بغيرِ لُبْسِ

نَفَيْتَهُمُ وقد دَلَفوا إلينا
بزوراءِ المناكبِ ذاتِ عجسِ

كأنَّ حنينَها للنَّزْعِ فيها
حنينُ مُسنَّة ٍ فُجِعَتْ بخَمْسِ

ولمّا أنْ لَقُوا منّا جميعاً
شفاءَ الهمَّ في ضربٍ ودعسِ

عَلوْا قُلَلاً لكلِّ أشمَّ طَوْدٍ
على طرقٍ من الآثار طمسِ

كأنَّ غروبَ قَرْنِ الشَّمسِ يَطْلي
ذوائبهُ وأعلاهُ بورسِ

فداؤك أيها المحتلُّ قلبي
حياة ُ مُرَوَّعِ الأحشاءِ نُكْسِ

يُعرِّدُ قبلَ بارقة ِ المنايا
ويتَّخذُ الهزيمة َ شرَّ تُرْسِ

فكم شاهدتُ قبلك من رجالٍ
وددتُ لأجلهمْ ما كان حسي

حَدَستُ بأنَّ عَقْدَهُمُ ضعيفٌ
وكانوا في الرَّكاكة ِ فوقَ حَدْسي

بأجلادٍ من التتريفِ بيضٍ
و أعراضٍ من التقريف غبسِ

كأنَّ مَقامَ جارِهُمُ عليهمْ
مقامُ مؤملٍ لرجوع أمسِ

يُنادي منهُمُ مَن صمَّ عنهُ
كما رجعتْ تندبُ أهلُ رمسِ

و لما أنْ نزلتُ بهمْ قروني
جفانَ خديعة ٍ وكؤوسَ ألسِ

وعدتُ وليس في كفيَّ لما
شريتهُمُ سِوى وَكْسي ونَحْسي

" يسومها " مسوقها الركايا
و في الأحشاء حاجٌ ليس ينسى

يُشاطرُك الهمومَ إذا ألمَّتْ
ويُوسِعُك التقيُّلَ والتأسِّي

و غصنكَ من مودتهِ وريقٌ
وغرسك في ثراهُ خيرُ غَرْسِ

وقاني اللهُ ما أخشاه فيمنْ
به من بينِ هذا الخلقِ أُنْسي

و نكبَ فيه عن قلبي الرزايا
فأُصبِحُ آمناً أبداً وأُمسي