أرأيتَ ما صنعتْ بنا الأيّام؟ - الشريف المرتضى

أرأيتَ ما صنعتْ بنا الأيّام؟
ضاعَ العزاءُ وضلَّتِ الأحلامُ

نبأٌ تُفَكُّ له الصدورُ عن الحِجا
وتهانُ أخطارُ النّهى وتضامُ

ومُصيبة ٍ وَلَجَتْ على ملكِ الورَى
أبوابه " والذّائدون " نيامُ

حلّ الرّجال بأمرها عقدَ الحبا
فكأنّهمْ وهمُ القعودُ قيامُ

واستوهلتْ آراؤهمْ فتراهُمُ
لا نَقْضَ عندَهمُ ولا إبرامُ

حاروا فليس لديهمُ إنْ خوطِبوا
أو خاطبوا فهمٌ ولا إفهامُ

كالغِمْدِ فارقَ نَصْلَه في مَعركٍ
والسّلكُ ملقى ليس فيه نظامُ

يأيّها الملك الذى لجلاله
يتعلّمُ التّوقير والإعظامُ

صبراً فبالأدبِ الذى أسلفته
فى النّائباتِ تأدّبَ الأقوامُ

أين التّشزّرُ للخطوب وأين ذا
ك الصَّبرُ والإطراقُ والإزمامُ؟

فالثِّقْلُ لا يسطيعُه مِن شارفٍ
" كوماء " إلاّ غاربٌ وسنامُ

والنّبعُ تسلبه النّجابة ُ فرعهُ
ونجا بلؤمٍ خِرْوَعٌ وثُمامُ

والثّلمُ ليس يكون إلاّ فى ظبا الـ
ـماضى ويخلو منه وهوَ كهامُ

والبُخلُ يَتَّرِكُ النّفيسَ وإنَّما
فقد النّفائسَ ماجدون كرامُ

والحربُ تقتنص الشّجاع، وآمِنٌ
فيها المنونَ الواهنُ المحجامُ

شبلٌ محا فيه الرّزيّة َ إنّه
باقٍ لنا من بعده الضّرغامُ

وثنيّة ٍ من يذبلٍ جدنا بها
" إذْ " يذبلٌ خلفٌ له وشمامُ

أخذَ الرَّدَى نَفْساً وغادرَ أنفساً
فاذهبْ حمامُ فما عليك ملامُ

وأحقُّ منّا بالبكاءِ ـ على الذي
سلب الزّمانُ - الفضلُ والإنعامُ

والخيلُ قانية ُ النّحورِ كأَنَّما
بجلودِها الحِنّاءُ والعُلاّمُ

لم يدنُ منهنّ النّزول ولم يغبْ
عنهنَّ إِسراجٌ ولا إِلجامُ

وليبكهِ الرّمحُ الأصمُّ تعطّلتْ
حركاتُهُ والباترُ الصَّمْصامُ

ومؤمِّلون أَناخَ شُعْثَ رِكابهمْ
بفنائهِ "الإنفاضُ" والإعدامُ

بكروا ليستلبوا الغِنَى ويروِّحوا
فحلا لهمْ ثمرُ النّدى فأقاموا

يا نازحاً فَضَلَ الأكابرَ ناشئاً
وجنَى ثمارَ السِّنِّ وهْوَ غلامُ

تَزْوَرُّ عن صَبَواتهِ سُنَنُ الصِّبا
وتطيح عن خلواته الآثامُ

وقضى ولم تقض اللّبانة ُ ريبة ً
منه ولا عَلِقَتْ به الأَجرامُ

أمّا القلوبُ فإنَّهنَّ رواجِفٌ
حزناً ليومك والدّموعُ سجامُ

ماذا على الجَدَثِ الذي أسكنتَهُ
أَلاّ يمرَّ على ثراهُ غَمامُ؟

"يكفيه منك السّكب" إنْ جمدَ الحيا
والمستهلّ إذا السّحابُ جهامُ

أوْ لا يجاورَ روضة ً وضريحُهُ
منه بعرفك روضة ٌ ومدامُ

أو لا يُحيِّيه الرّفاقُ وعاكفٌ
للَّهِ منهُ تحيّة ٌ وسلامُ

قبرٌ تشقُّ له القلوبُ وقبله
عندَ القبورِ تُشقَّقُ الأهدامُ

وتعقّرُ المهجُ الحرامُ حيالهُ
وسواه تعقر عنده الأنعامُ

ما نحنُ إِلاّ للفناءِ وإِنَّما
تغترّنا بمرورها الأيّامُ

ومتى تأمّلْتَ الزَّمانَ وجَدْتَهُ
أجلاً وأيّامُ الحياة ِ سقامُ

نُضحي ونُمسي ضاحكين، وإِنَّما
لبكائنا الإصباحُ والإظلامُ

ونُسَرُّ بالعامِ الجديد، وإنَّما
تسرى بنا نحو الرّدى الأعوامُ

فى كلّ يومٍ زورة ٌ من صاحبٍ
منّا إلى بطن الثّرى ومقامُ

لاتُرتجى منه إيابة ُ قادمٍ
هيهاتَ أعوزَ من ردًى قَدَّامُ

فاسلمْ لنا ملكَ الملوكِ مُحَصَّناً
في راحتيك منَ الخطوب زِمامُ

تأبى المقادرُ ما أبيتَ ولا تزلْ
تجرى بما تختاره الأقلامُ

ولمن هويتَ نجاحة ٌ وفلاحة ٌ
ولمنْ شنئتَ الكبتُ والإرغامُ

فالملكُ مذْ رُفعتْ إليكَ أُمورُه
حرمٌ على كلّ الرّجالِ حرامُ