ومِن سَفَهٍ لمّا مررتُ على الحِمى - الشريف المرتضى

ومِن سَفَهٍ لمّا مررتُ على الحِمى
بكيتُ وهل يُبكي الجليدَ المعالِمُ؟

شربتُ بهِ لمّا رأيتُ خُشوعَه
دُموعي وغنَّتْني عليهِ الحَمائِمُ

ولمّا رأينا الدَّارَ قَفْرى منَ الهوى
وليس بها إلاّ الرّياحُ السّمائمُ

كرعنا الجوى صرفاً بأيدى رسومها
فلم ينجُ منّا يوم ذاك سالمُ

وما برحتْ أيدى المطى ّ مكاننا
كأنَّ المطايا ما لهنَّ قوائمُ

كأَنِّيَ لم أعصِ الهَوى وهْوَ غالبٌ
ولم يقلِ الأقوامُ إنّك حازمُ

ولم أكُ صلبَ العودِ يومَ يقودُني
أكُفٌّ شِدادٌ أو نيوبٌ عَواجمُ

فإنْ يكُ لي دمعٌ بسرِّيَ بائحٌ
فلي منطقٌ للوَجْدِ مِنيَ كاتمُ

فللّهِ يومُ الشَّعْبِ ما جَنتِ النَّوى
علينا وما ضمّتْ عليه الحيازمُ

عشيّة رحنا والغرامُ يقودنا
وليسَ لنا إلاّ الدُّموعُ السَّواجمُ

نطارُ إلى داعى الهوى فكأنّنا
جيادٌ سراعٌ مالهنّ شكائمُ

نظرتُ وظعنُ الحى ّ تحدى بذى النّقا
وأيدى المطايا بالحدوجِ رواسمُ

وقد رثّ شملٌ بالفراقِ وحولنا
منَ الوَجْدِ لَوّامٌ لنا ولوائمُ

فلاهٍ تخطّاهُ التجلُّدُ مُفحَمٌ
وساهٍ تَوخّاهُ التبلُّدُ واجمُ

فلم تلفنى إلاّ عيونٌ فواترٌ
وإلاّ خدودٌ للعيون نواعمُ

غذين الصّبا حتّى ارتوينَ من الصّبا
سنينَ كما تغذو الصبى ّ المطاعمُ

ومُشتكياتٌ ليس إلاّ أناملٌ
يُشِرْنَ إلى شكوى النَّوى ومعاصمُ

ونادمة ٌ كيفَ استجابتْ لِبَيْنِنا؟
وقد شقيتْ بالعضّ منها الأباهمُ

وأعرض عنّا بالخدودِ وما لنا
إليهنَّ لولا بَغْيُهنَّ جَرائمُ

وما كنتُ أخشى أنّ قلبى تنوشه
محكّمة ً فينا النّساءُ الظّوالمُ

ولا أنّ شوقى لا يزال يهيجه
ثرًى مقفرٌ أو منزلٌ متقادمُ