تلك التي.. - محمد حسن علوان

قالت سأمضي.. ولم أدرك حقيقتها
هذي التي أغرقتني في حكاياتي!

كنا ننقب في كهفين واتسعت
أنبوبة الليل.. فابتلعت متاهاتي

أهذي صريحاً.. كأن الوقت يصفعني
مستجوباً.. وكأن دليلهم ذاتي!

غافٍ أدبُّ ونصف الشاي منسكبٌ
على ذراعين من بوحٍ .. وإنصابِ

كل الكلام وحوشٌ.. لستُ آلفها
تعضُّني كلما فاحت كتاباتي

أجرُّ معنايَ.. أبري رأس ذاكرتي
وأسلخ الصمت عن أكفانِ أمواتِ

كأنما الجوع يطويني ويرمقها
كأنما هي حاجاتي.. وغاياتي

كأنها شهوةٌ مازلتُ أحبسها
كأنها مومسٌ ضاقت بشهواتي

كأنها حالةٌ قد كنت أفقدها
حتى علت فجأةً من فوق حالاتي

جفّت يدي فوقها.. والموسم اختصرت
منه السنابلَ آلافُ الجراداتِ

دارت برأسي قواميسٌ بأكملها
وما انتقيتُ سوى بعض النفاياتِ

جلستُ مرتجفاً في ضوء شعلتها
ينأى الفتيل وتنأى بي خيالاتي

أكلتُ أظفار أظفاري وما خلعت
عنها لباساً وما حفلت بعوراتي

قلبي يموء مواءً تحت أرجلها
ومزّقت كلّ أوراق الشفاعاتِ

غضّ مساءي .. رقيق الجلد أجرحه
لعل في نزفه زادٌ لأبياتي

لعل هذا السكوت الصعب ينفضني
فيسقط الحرف من جيبي ومشكاتي

قالت سأمضي.. وضوء الصبح يرقبها
واستعجلت خطوها المتكبر العاتي

قبّلتُ أنفاسها.. أقدامها.. يدها
سفحتُ من كبرياء الموسم الآتي!

راحت وما وقفت بالفقر في ورقي
ولعيُّ في شفتي .. والجوع في ذاتي

كأنما هي تعطيني حقيقتها
هذي التي أغرقتني في حكاياتي!