يَا طَلَلَ الْحَيِّ بِذَاتِ الصَّمْدِ - بشار بن برد

يَا طَلَلَ الْحَيِّ بِذَاتِ الصَّمْدِ
بِالله حَدِّثْ: كَيْفَ كُنْتَ بَعْدِي

أوْحَشْتَ مِن دَعْد وَنُؤْيَ دَعْدِ
بَعْدَ زَمَانٍ نَاعِمٍ وَمَرْدِ

عهداً لنا سقياً لهُ منْ عهدِ
إِذْ نَحْنُ أخْيَافٌ بِمَا نُؤَدِّي

يُخْلِفْنَ وَعْداً وَنَفِي بِوعْدِ
فَنَحْنُ مِنْ جَهْدِ الْهَوَى فِي جَهْدِ

نلهو إلى نور الخزامى الثَّعدِ
فِي زَاهرٍ مِنْ سَبِطٍ وَجَعْدِ

ما زال من حرج الصِّبا في رند
يَخْتَالُ فِي مَاء النَّدَى الُمْنَدِّي

حَتَّى اكْتَسَى مِثْلَ عُيُونِ الْبُرْدِ
رَوْضاً بِمَغْنَى وَاهِبِ بْن فِنْدِ

أهْدَى لَهُ الدَّهْرُ وَلَمْ يَسْتَهْدِ
أفوافَ أنوار الحداء المجدي

يَلْقَى الضُّحَى رَيْحانُهُ بِسَجدِ
بدِّلتُ من ذاكَ بكى ً لا يُجدي

آذَنَ طِلْبَاتُ الصِّبَى بِصَدِّ
طالبني أمرٌ وليسَ يُجدي

فَهَنَّ لا يَشْفِينَنِي بِبَرْدِ
وَقَدْ أرَانِي فِي الصِّبَى الأَجَدِّ

كالبدِّ فيهنَّ لأهلِ البدِّ
هذا وَبَلاَّنِي مَسِيرُ الأَزْدِ

سِرْبٌ تَراءَى كَنِظَام الْعَقْدِ
حلوُ الحديثِ حسنُ التَّصدي

واهاً لأسماءَ ابنة ِ الأشدِّ
قامت تراءى إذ رأتني وحدي

كالشَّمسِ بين الزَّبرجِ المنقدِّ
سلطان مبيضٍّ على مسودِّ

ضَنَّتْ بِخَدٍّ وجَلَتْ عنْ خَدِّ
ثم انثنت كالنَّفس المرتدِّ

ورحتُ من عرق الهوى أصدِّي
يَا عجَبَا لِلْعَاجِزِ الْمُسدِّي

حُدِدْتُ عَنْ حَظِّي وَلَمْ أجَدِّ
ما ضرَّ أهل النُّوكِ ضعفُ الكدِّ

وافق حظّاً من سعى بجدِّ
قُلْ لِلزُّبَيْرِ السَّائِلِي عَنْ وُلْدِي

الْحُرُّ يُوصَى وَالْعَصَا لِلْعَبْدِ
وليسَ للملحف مثل الردِّ

فارض بنصفٍ وأزح في القصد
النّصفُ يكفيك من التَّعدِّي

وصاحبٍ كالدُّمَّل الممدِّ
أراقب منه مثل يوم الوردِ

حتَّى انطوى غير فقيدِ الفقد
وما درى ما رغبتي من زهدي

وطامسِ السَّمتِ جموحِ الورد
خالٍ لأصوات الصَّدى المصدِّي

أرْضاً تَرَى حِرْبَاءَهَا كَالْقِرْدِ
يَمِيدُ فِي رَأدِ الضحَى الْمُمْتَدِّ

للقورِ في رقراقها تردِّي
زوراءَ تُخفي عجباً وتبدي

من لامعاتٍ كالسَّعالي البدِّ
تَلْمَعُ قُدَّامِي وطوْراً بعْدِي

كأنَّ قُصْوى أُكْمِهَا تُسدِّي
لا، بَلْ تُصَلِّي تَارَة ً وَتَرْدِي

ترقدُّ في يعانها المرقدّ
وَعَاصِفٍ مِنْ آلِهَا الْمُشْتَدِّ

صدعتها بالعيهم العلندِ
يَلْقَى الضُّحَى بِمَنْسِمٍ مُكِدِّ

وَنَظَرٍ رَاعٍ وَهَادٍ نَهْدِ
وهامة ٍ ملمومة ٍ كالصَّلدِ

جَشَمْتُهُ أفْضَى وَشِيحَ الْجلْدِ
طَيَّ السَّخَاوِيِّ بِغَيْرِ نِدّ

مَا زَالَ يَشْدُو تَارَة ً وَيَخْدِي
في بطن عيثٍ وظهرٍ صلد

أمْلَسُ لا يُهْدَى بِهِ مُهَدِّ
حتى انتهى مثلَ صليف القدّ

فانصدعت عن راكبٍ مجدِّ
وَرَّادِ أمْوَاهٍ كَمَاء السِّخْدِ

وَغَارِبٍ أخْفَى لِخَافِي الْبَلْدِ
رَيَّانَ يَلْقَى مَعَ طُولِ الشَّدِّ

مكعبراً نداءه المثدِّي
فِيهِ لِصيرَانِ الْفَلاَ تَغَدِّي

لَمْ يُغْذَ بِالْفَيْضِ وَلاَ بِالْعِدِّ
إلاَّ بماءِ المعصراتِ الهُدِّ

مُخْتَلِفَ التِّيجَانِ فِي التّنَدِّي
كُلَّلَ بِالأَصْفَرِ بَيْنَ الْوَرْدِ

وبالبنفس المشرق الرَّخودَّ
وَالْجَوْنِ مَشْبُوباً بِلَوْنِ الْفَهْدِ

مُوفٍ عَلَى حَوْذَانِهِ كَالنَّقْدِ
مِنْ زَاهِرٍ أحْمَرَ لَمْ يَسْوَدّ

يغدو كغادي الشَّرق في التَّغدِّي
مُنْبَلِقاً مِثْل عُيُونِ الْجُرْدِ

تَحَارُ فِيهِ الشّمْسُ ذَاتُ الْوَقْدِ
إذا حدا ذبابهُ المحدِّي

عارضهُ المكَّاءُ كالمستعدي
صَبَّحْتهُ فِي ظِلِّ مُزْنٍ سَمْدِ

غُدَيَّة ً قَبْلَ غُدُوِّ السُّبْدِ
بعاقرٍ جدَّاء أو أجدِّ

يطلبُ شأو اليعملات الجد
بَلْ هلْ ترى لمْعَ الْحبيِّ الْفَرْدِ

وافى من العين بنجم السَّعد
تَحْدُو بِهِ رِيحٌ وريحٌ تَهْدِي

كَأنَّ أنْوَاح النِّسَاءِ الْجُدِّ
فِي عَرْصَة ٍ يَلْمَعْنَ بِالْفِرَنْدِ

قدْ طبَّقَ الْغَوْرَ وأعْلَى نجْدِ
يستنَّ فيه كالنَّعام الرُّبد

إذا سناه انشقَّ غير المكدي
أضَاءَ لِلشَّامَة ِ بَعْد الرَّقْدِ

جُونَ الرُّبَى مِثْلَ جِبَالِ الْكُرْدِ
مُنْبعقِ الْقصْفِ هَزيم الرَّعْدِ

قلتُ لهُ حينَ حفا في العهدِ
وَغرَّق الْوَهْد وَغَيْرَ الْوَهْدِ

بِسَبَلٍ مِثْلِ زُلاَلِ الشَّهْدِ:
اسْلَمْ وَحُيِّيتَ أبَا الْمِلَدِّ

أنت جنى العود وموتُ الرِّئد
متوَّج الآباء ضخمُ الرَّفد

مفتاح باب الحدث المنسدِّ
نِعْمَ مَزَارُ الْمُعْتَفِي وَالْوَفْدِ

وأنت للجندِ وغير الجندِ
مُشْتركُ النَّيْل وَرِيُّ الزَّنْدِ

تسبقُ من جاراكَ قبل الشدِّ
بالحلم والجودِ وضربِ الكردِ

ما زلتَ معروفاً مع الأردِّ
أغَرَّ لبَّاساً ثِيابَ الْمَجْدِ

ما كان منِّي لك غيرُ الودِّ
ثمَّ ثناءٌ مثل ريح الوردِ

نسَجْتُهُ في الْمُحْكَمَاتِ النَّدِّ
فَالْبسْ طِرَازِي غَيْرَ مُسْتَبَدِّ

لله أيامك في معدِّ
ثُمَّ بَني قَحْطَانَ ثُمَّ عَبْدِ

يوْماً بِذِي صبْية عِنْد الْحدِّ
وعِنْدَهُ اسْتَوْدَعْتَ أرْضَ الْهِنْدِ

بِالْمُقْرِباتِ الْمُبْعِدَاتِ الْجُرْدِ
إِذا الفَتَى أكْدَى بِها لَمْ تُكْدِ

تلحمُ أمراً وأموراً تسدي
وابْن حَكِيمٍ إِذْ أتَاكَ يَرْدِي

في العدد المعلنكسِ الأعدِّ
راح بحدٍّ وغدا بحدِّ

يحفز دفاعاً كطردِ الصَّرد
حفْز الأَّوَاذِيِّ عُبَابُ الْمَدِّ

كَأنَّهُ مِنْ غُلَوَاءِ الْجُرْدِ
فِي الْعَسْكَرِ الْمُسْلنْطِحِ الْمُقوَدِّ

أصَمٌّ لاَ يَسْمَعُ صَوْتَ الرَّعْدِ
حَيَيْتهُ بِحَتْفِهِ الْمُعَدِّ

بَعْدَ طِعَانٍ صَادِقٍ وَجَلْد
فانهدَّ مثلَ الجبلِ المنهدِّ

وانْفَرَجَتْ عَنْ أسَدٍ ألَدِّ
وَعَنْ نُمُورٍ حَوْلَهُ وأسْدِ

صرعى كصرعى الخندريسِ المردِ
بعداً ولا ترث لهم من بعدِ!

كلّ امرئٍ رهن بما يؤدِّي
وربَّ ذي تاجٍ كريم المجدِ

كآلِ كسْرى وكآل بُرْدِ
أنْكَبَ جَافٍ عَن طَرِيق الرُّشْدِ

فصلتهُ عن ماله والولد
يا بنت أفصى من بني العرندِ

قولي لعبدِ القيسِ إن لم تجدِ:
لا تَفْرَحِي بِالْجَلَبِ الأَشَدِّ

قد يخرجُ الَّليث سهام الوغدِ
قُومِي .... ـد ما أوْ صِدِّى

فَانْتَظِري عُقْبَة َ بَعْدَ الْوَخْدِ
سِيَّان مَنْ يغْزُو وَمَنْ فِي اللَّحْد

قد جاءك الدَّهرُ بأمرٍ إدِّ
بعقبة المشغبِ ثمَّ المجدي

يهُزُّ أعْلَى سَيْفِهِ الأَحَدِّ
في جحفلٍ كالعارضِ المسودِّ

يشقُّ متن الصَّحصحانِ الجرد
بِالْعَلَمَينِ فِي الحَدِيدِ السَّرْدِ

وكلَّ جيَّاشِ العشايا نهدِ
في لبدهِ والموتُ فوقَ الَّلبدِ